استعاد الدكتور راتب سكر رئيس تحرير مجلة التراث الادبي والاستاذ بجامعة دمشق زمن الدولتين الزنكية والأيوبية في محاضرة بعنوان «الأدب في عصر الدولتين الزنكية والأيوبية– أسامة بن منقذ نموذجا»، استضافها النادي الأدبي بالأحساء الثلاثاء الماضي وقدم لها الدكتور غازي المغلوث بتساؤلات للمحاضر قبل التعريف به وبسيرته الذاتية التي تمتد أكثر من 40 عاما قدم من خلالها بحوثه وإبداعاته الشعرية وكتبه المطبوعة مع التعريف بالمناصب التي تولاها. المحاضر الذي شكر النادي الأدبي على الاستضافة بدأ حديثه عن زمن الدولتين الزنكية والأيوبية الذي يؤرخ له في العصر العباسي الرابع مع دخول السلاجقة بغداد وينتهي بسقوط بغداد على يد التتار 656ه، ثم تطرق إلى الحديث عن ابن منقذ الذي عاش 96 عاما بين الأدب والحرب في فترة عصيبة من تاريخ الدولة العباسية؛ حيث ولد عام 488ه في قلعة شيزر التي كانت تحكمها أسرته وهي تقع بالقرب من حماة، عاش أسامة فارسا يحارب الفرنجة حيث كانت القلعة نقطة التقاء العرب والفرنجة فنشأ وسط هذه المعارك ورأى أسرى الفرنجة في القلعة وتعلم منهم لهجاتهم المختلفة وكون زادا معرفيا يتضح فيما بعد في كتابه «الاعتبار»، وحين ترك أسامة القلعة كان قد بلغ الرابعة والثلاثين من عمره قرر الذهاب للموصل لأن عماد الدين زنكي راح يجمع المجاهدين لمواجهة الفرنجة وأصبح من عسكره وظل معه 10 سنوات، ثم عاد إلى شيزر لأن الفرنجة تحالفوا مع الروم لغزوها بعدها رحل إلى دمشق وعاش في كنف معين الدين أونور سبع سنوات وقربه معين الدين حتى أنه كان يرسله في سفارات سياسية إلى الفرنجة، لكن الحساد أوغروا بينه وبين الحاكم وهنا يذكر المحاضر المشابهة بين أسامة بن منقذ والمتنبي التي تحتاج إلى من يتصدى لها من الباحثين، ويرحل أسامة إلى القاهرة في أواخر الدولة الفاطمية بعدها عاد إلى دمشق وقد أصبح نور الدين حاكما عليها وظل يحارب حتى بلغ عمره 61 عاما واستمر مع نور الدين عشر سنوات ثم اعتكف في حصن وتفرغ للكتابة فكتب معظم مؤلفاته النثرية وجمع ديوانه الشعري ويعد أول شاعر عربي يجمع قصائده منجمة ومقسمة حسب الموضوعات، وأهم كتبه العصا، ولباب الآداب، والبديع، والمنازل والديار، أما أهمها فهو كتاب «الاعتبار» لأنه يعد أول سيرة ذاتية في تاريخ الأدب العربي وقد نشرت أكثر من طبعة للكتاب ثم توثقت الصلة بين أسامة وصلاح الدين الأيوبي حتى أن مرهف بن أسامة كان أحد القواد في جيش صلاح الدين بعدها تحدث المحاضر عن تأثر أسامة بما أصاب شيزر من زلازل وتسجيله لذلك في كتاب المنازل والديار ثم ختم محاضرته لتليها مجموعة من المداخلات.