لم يكن الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، الذي صدر أمر ملكي في 23 جمادى الأولى من عام 1429 ه بتعيينه وزيرا للشؤون الاجتماعية يدري أنه سيكون مسؤولاً عن أخطر الملفات الاجتماعية المرتبطة بتحديات عديدة، في واحدة من أهم مراحل التوافق السعودي الحديث، على أجندة ما يربط الوطن وقيمه، بما يسعى إليه العالم. فالدكتور العثيمين، الذي حصل على بكالوريوس علم الاجتماع بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة الملك سعود بالرياض، وتم ابتعاثه إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية للحصول على الماجستير والدكتوراة عام 1406. ليشغل بعدها منصب أستاذ الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود بالرياض حتى صدور الأمر السامي بتعيينه مستشارا في مكتب وزير العمل والشؤون الاجتماعية عام 1408، ليتقلد بعدها منصب وكيل الوزارة المساعد لشؤون تأهيل المعاقين عام 1409، ثم ترقى إلى وظيفة وكيل الوزارة المساعد للرعاية الاجتماعية بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية ثم إلى مستشار للوزير بنفس الوزارة. ليتولى بعدها منصب الأمين العام لمؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي، وفي شعبان 1427 عين رئيسا لمجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ورئيسا للجمعية. وكان اختياره عضواً في المجلس الأعلى لمكافحة الفقر. ورئيساً للجنة خدمات ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة لعضويته في مجلس أمناء مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، دليلاً على اهتمامه بالشرائح الاجتماعية البسيطة، والتي تحتاج لمجهود خاص، ومتابعة دقيقة، كما أن ذلك أيضاً يعد بلورة لمحور اهتمامات الرجل الإنسانية والاجتماعية. نظام الحماية من الإيذاء .. سعي حثيث لمجتمع صحيح نفسيًا ومعنويًا وهنا، تتبادر للأذهان، موافقة مجلس الوزراء، في اجتماعه الأخير الاثنين الماضي، على ما رفعه العثيمين، بشأن إقرار نظام الحماية من الإيذاء، ليكون إيذاناً واعداً بتوفير هذه الحماية بمختلف أنواعها، وتقديم المساعدة والمعالجة والعمل على توفير الإيواء والرعاية الاجتماعية والنفسية والصحية والمساعدة اللازمة لذلك، واتخاذ الإجراءات النظامية بحق المتسبب بالإيذاء ومعاقبته. ليس هذا فقط، لكن مشروع القانون، يحتم «على كل من اطلع على حالة إيذاء الإبلاغ عنها فوراً مع مراعاة ما تقضي به الأنظمة ذات العلاقة من إجراءات، يلتزم كل موظف عام مدني أو عسكري وكل عامل في القطاع الأهلي اطلع على حالة إيذاء - بحكم عمله - إحاطة جهة عمله بالحالة عند علمه بها، وعليها إبلاغ وزارة الشؤون الاجتماعية أو الشرطة بحالة الإيذاء فور العلم بها» مع توفير سرية المعلومات وعدم الإفصاح عن هوية المبلّغ «إلا برضاه، أو في الحالات التي تحددها اللائحة التنفيذية».. كما تلزم أيضاً موظفي الوزارة وكل من يطلع - بحكم عمله - على معلومات عن حالات إيذاء بالمحافظة على سرية ما يطلعون عليه، ضماناً للجدية والفاعلية. نظام الحماية من الإيذاء، يعني خطوة متقدمة جداً وضرورية، للقضاء على أية بوادر عنف سلوكي أو اجتماعي، يستهدف الأطفال أو النساء أو أية شريحة تقع فريسة للعنف، ويجسد في النهاية أصلاً من أصول ديننا الإسلامي الحنيف، وكذلك المواثيق والأعراف الإنسانية الحديثة، التي تضمن حسن التعامل، والخلق القويم، والسلوك الراقي، الذي يحمي في النهاية الوطن بأكمله من أمراض نفسية أو عقد ذاتية، ليكون المجتمع الصالح نفسياً ومعنوياً هو الهدف الأسمى.