طفل في العاشرة منزعج من مادة الجغرافيا التي تعلمه مساحة الدول وعدد سكانها ومناخها وأهم الصادرات والواردات وأهم المدن فيها. ويسأل والدته: لماذا يجب أن أتعلم شيئا عن جيبوتي أو غيرها فأخذت أمه تشرح له مزايا هذه المادة فكان جوابه. عندما أريد أن أعرف شيئا عنها أو عن غيرها فإنني سألجأ إلى (جوجل) ليعطيني إشارات الوصول إلى كل معلومة. هل وضع المختصون في المناهج هذا في اعتبارهم؟ وهو لابد ان يؤخذ بعين الاعتبار. قد يقول قائل: لو وضعوا فوائد التكنولوجيا في الاعتبار لأقفلت المدارس أبوابها وتحولت الدراسة كلها (من منازلهم) فكل ما نريده اليوم من معلومات متوافر في اجهزة صغيرة وتجلب بضغطة زر. ما زالت حرب المناهج قائمة بين من يضع ومن ينتقد، بين من يعلم ومن يتعلم في كل التفاصيل ولكن الشيء الأكيد أن هذه الوسائل التكنولوجية يجب ان تؤخذ على محمل الجد لا على محمل الترف التعليمي حين نقول هناك (CD) للمناهج او هناك كمبيوتر لكل طالب.. إن هذه الهوة السحيقة بين ما يحدث في المدارس وما يحدث خارجها هو الذي تسبب في كثرة أعداد المتسربين من العملية التعليمية فمتى نخطط للتغيير الجذري وننسى دفاتر التحضير والتسميع؟ الاهم هو ان يعي الطلاب أهمية هذه الاجهزة وأنها ليست للتسلية فقط وقراءة القصائد الشعبية والاستماع وتحميل الأغاني او مشاهدة فضائح الناس في ال(you Tube). الآن جاء دور مشاركة الطالب في صناعة المنهج المدرسي ليتعلم البحث عن المفيد ويستخرج منه ما يريد فمشاركته هي التي ستجعله يفهم اكثر ويؤكد ثبات المعلومة في ذهنه بعد ان اعتمدوا لسنوات على التلقين الذي لا تكتشف كوارثه إلا عندما يصل الطالب الى المرحلة الجامعية وهو لا يعرف كيف يعد بحثا او يجمع معلومات ويربط بينها. قليلة هي المدارس التي علمت الطلاب أن يكونوا مفكرين قبل أن يكونوا متلقين فقط يحفظون المادة عن ظهر قلب ويضعونها على الورق يوم الامتحان وينسونها في نفس اليوم وقد تنتهي مراحل الدراسة الاولى بفائدة واحدة فقط أنهم صاروا يحسنون القراءة والكتابة تماما مثل ما كانت تفعل الكتاتيب في السابق. بل إن عمل الكتاتيب كان أكثر فائدة في الإملاء تحديدا الذي صار عند الغالبية من المتعلمين امرا مخزيا حقا. إن هذه الهوة السحيقة بين ما يحدث في المدارس وما يحدث خارجها هو الذي تسبب في كثرة أعداد المتسربين من العملية التعليمية فمتى نخطط للتغيير الجذري وننسى دفاتر التحضير والتسميع؟ [email protected]