اتخذت السلطات اللبنانية أمس الثلاثاء سلسلة اجراءات شددت بموجبها التدقيق في «معايير تدفق النازحين» من سوريا على الحدود، ووقف «المنافسة غير القانونية» في سوق العمل التي يقوم بها هؤلاء. جاء ذلك في اجتماع برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي شارك فيه وزراء ومسؤولون امنيون، وتلا على اثره وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور المقررات التي تضمنت، بحسب ما قال، «مجموعة إجراءات تدخل في إطار حماية سيادة الدولة اللبنانية والنازح السوري والمواطن اللبناني والعلاقة اللبنانية -السورية». ومن ابرز هذه الاجراءات «وقف المنافسة الاقتصادية. فالنازح السوري وكل هارب من قتل أو من جوع أو دمار مرحب به في لبنان، ولكن في الوقت ذاته هناك قوانين لبنانية يجب الالتزام بها». واوضح انه تم احصاء «في خمس أو ست قرى فقط في منطقة البقاع (...) 377 نشاطا اقتصاديا غير مرخص به. وبالتالي يقفل المطعم اللبناني حين يفتح المطعم السوري، ويفتح فرن سوري فيقفل آخر لبناني». وتابع «لكي لا يحصل توتر لبناني سوري، وقد سبق وحصل وتطور الى مستويات قياسية، ستبدأ الاثنين المقبل فرق وزارة الاقتصاد ووزارة الداخلية والمحافظين ورؤساء البلديات بإزالة التعديات في هذه المنطقة، على أمل أن تنتقل الى مناطق أخرى». وانتشرت خصوصا المطاعم الصغيرة وافران المناقيش ومحال اخرى يديرها سوريون خلال الاشهر الاخيرة في مناطق مختلفة في لبنان. ولا يدفع هؤلاء اي ضرائب على مداخيلهم للدولة، ولا على الايجارات. كما لا يحتاجون الى كلفة يد عاملة مرتفعة، ما يسمح لهم بتقديم منتجاتهم باسعار ادنى بكثير من تلك الموجودة في المحال اللبنانية. واوضح الوزير ابو فاعور ردا على سؤال لوكالة فرانس برس ان النازح السوري «يمكنه ان يعمل ليؤمن لقمة عيشه في ورش وفي مجالات محددة خارج التجارة والاعمال التي تتطلب رخصا قانونية»، مشيرا الى ان السلطات اللبنانية لا تعطي اجمالا غير اللبنانيين مثل هذه التراخيص. كما تم الاتفاق خلال الاجتماع على «مجموعة إجراءات يقوم بها الامن العام للتدقيق على الحدود بحسب معايير اخلاقية وانسانية» في وضع النازحين. واوضح ابو فاعور لفرانس برس ان المعايير المقصودة «هي المعايير المطبقة دوليا»، مشيرا الى ان 700 سوري لم يتم تسجيلهم خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة لدى المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة، بسبب عدم تطابق صفة اللاجىء عليهم. وذكر انه سيتم قريبا فتح مركزي استقبال للنازحين السوريين، احدهما في الشمال والآخر في البقاع (شرق)، على ان تتولى ادارتهما المفوضية العليا للاجئين والدولة اللبنانية، وسيعمل هذان المركزان على التأكد من استيفاء الواصلين الى لبنان صفة اللجوء وعلى هذا الاساس يتم تسجيلهم ام لا. ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين في لبنان حوالى 600 الف بحسب الاممالمتحدة، وهو الرقم الاكبر للاجئين الى الدول المجاورة لسوريا. وقال وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس الذي شارك في الاجتماع ردا على سؤال لفرانس برس «هناك تدفق للاجئين ليس كله مبررا انسانيا. اذا كان النازح مثلا من منطقة منكوبة او تشهد معارك، فيحق له بالتسجيل. لكن من يريد ان يدخل فقط للافادة من صفة النزوح والحصول على المساعدات وما شابه، فسيتم استقباله كزائر عادي». وقال ابو فاعور للصحافيين «المواطنون السوريون بين أهلهم ومرحب بهم ونحن الى جانبهم الى حين انتهاء مأساتهم ومعاناتهم، لكن في الوقت ذاته علينا أن نحمي المواطن اللبناني». واشار الى ان من القرارات المتخذة ايضا «تكليف قوى الأمن الداخلي بأن تقوم بمعالجة كل حالات التسول وازالتها من الشوارع»، مشيرا الى ان «الأجهزة الأمنية ستتدخل لمكافحة ظاهرة التسول بشكل أساسي عبر المشغلين، اي عبر المافيات التي تشغل المتسولين». كما اشار الى ان قوى الامن ستعمل على ازالة تجمعات عند جسري الكولا وسليم سلام في غرب بيروت يقطنها عدد كبير من الاجانب معظمهم سوريون. وقال «أرسلنا من وزارة الشؤون الاجتماعية أكثر من فريق فتبين لنا أن هؤلاء ليسوا نازحين بل يستغلون عملية النزوح ويسيئون الى النازح السوري والى الاستقرار والأمن اللبنانيين»، موضحا ان الدولة وجمعيات عرضت استضافة قاطني هذه التجمعات غير القانونية في امكنة اخرى، لكنهم رفضوا. وستشمل الاجراءات تنظيم الاسواق الشعبية وبينها سوق الاحد الذي يعرض فيه العديد من السوريين سلعا مختلفة، وقيام قوى الامن بدوريات «لمنع المنافسة غير المشروعة» داخل هذه الاسواق ولمنع التوتر. وحصلت مواجهات عدة بين لبنانيين وسوريين في هذه الاسواق تطور بعضها الى اشتباكات بالايدي او بالسكاكين.