نعيش اليوم فترة اندماجات و تحالف في جميع مجريات الحياة من أمور اجتماعية وسياسية ، وتأتي المجالات الاقتصادية منها في المرتبة الأولى، إذ نجد شركات عملاقة تشارك في مشاريع معينة بما يعرف joint venture فإذا كانت الشركات تتحالف فيما بينها فمن باب أولى أن يتم خلق شراكة بين القطاعين العام والخاص. ما المقصود بهذه الشراكة ؟ و ما الفائدة المرجوة من هذه الشراكة - التي تعرف ب PPP(Public Private Partnership) - في مشاريع البنية التحتية، والمشاريع العملاقة التي نرى فيها توسعا كبيراً جداً مع ميزانية المملكة الأخيرة والتي قبلها من حيث الإنفاق العام والإنفاق على مشاريع البنية التحتية، إلى الدرجة التي لا يستطيع القطاع العام تنفيذها منفرداً ولا القطاع الخاص كذلك؟. لا يخفى على الجميع أن تعثر و تأخر مشاريع القطاع العام يؤدي إلى تأخير و تعطيل عجلة التنمية في الوطن .العالم اليوم يحتاج إلى 60 تريليون دولار و هي قيمة مشاريع البنية التحتية لغاية عام 2030 حسب دراسة كشفت عنها OECD 2006/2007، ويلاحظ أن المبلغ المرصود لذلك ضخم جداً، و حسب تقرير البنك الدولي فإن الطلب على مشاريع البنية التحتية قد يتعدى 1% GDP من النتاج القومي العالمي، وهناك فجوة كبيرة بين الاستثمارفي مشاريع البنية التحتية و قدرة القطاع العام على توفير هذه الميزانيات لتنفيذ تلك المشاريع التي تسهم في نمو الاقتصاد لكل دولة أو تنفيذها بالجودة المطلوبة. إن من أفضل مميزات هذه الشراكة PPP توزيع المخاطرة، والجودة في إدارة المال العام و الشفافية، ومن خلال هذه المشاريع نستطيع فتح سوق استثمارية جديدة، تكون منفذاً جديداً للاستثمار التنموي. من إيجابيات هذا الشراكة PPP الجودة و السرعة مع التكلفة الأقل في إتمام المشاريع، وتقسيم المخاطرة بين القطاعين بحيث أن القطاع الخاص أو العام لا يتحمل المخاطرة وحده ، كما أن الشراكة ستقود إلى زيادة الكفاءة ودقة التصاميم وتنفيذ مشاريع البنية التحتية، ليس هذا فقط، بل ضمان التمويل و التشغيل و الصيانة والتطوير لهذه المشروعات بما يعود على المواطن بالحصول على خدمات راقية و حفظ للممتلكات و أصول الوطن و العائد المالي المجدي على المستثمر . و حسب الدراسة التي قامت بها الحكومة البريطانية في عام 2003 تبين أن 73 % من المشاريع التي تمت من غير شراكة بين القطاعين (non PPP) تجاوزت الميزانية المرصودة لها،و 70 % من هذه المشاريع حدث لها تأخير في الإنجاز أو تعطل إتمام المشروع ، بينما المشاريع المبنية على الشراكة بين القطاعين(PPP) 22% قد تجاوزت الميزانية المرصودة لها ،و 24% من هذه المشاريع حدث لها تأخير في الإنجاز و إتمام المشروع . بعملية حسابية بسيطة جداً لو افترضنا أن عدد المشاريع التي تأخر تسليمها 70 مشروعا فقط و أن القيمة الاقتصادية لكل يوم تأخير 1,000,000 ريال سعودي (مليون ريال سعودي) و إن كان التأخير لمدة شهر واحد فقط فإن إجمالي ضريبة التأخير هي 30 مليون ريال لكل مشروع مضروباً في 70 أي أن الخسارة الاقتصادية ستسجل أكثر من 2,000,000,000 ريال سعودي، ولكننا نستطيع بهذا الرقم أن نبني أكثر من 2000 وحدة سكنية، هذا مثال للتقريب فقط . إن من أفضل مميزات هذه الشراكة PPP توزيع المخاطرة، والجودة في إدارة المال العام و الشفافية، ومن خلال هذه المشاريع نستطيع فتح سوق استثمارية جديدة، تكون منفذاً جديداً للاستثمار التنموي بدلاً من الاستثمار العقاري وإضافة إلى سوق الأسهم، تتميز صناديق الاستثمار في مشاريع البنية التحتية وشراكة القطاعين العام والخاص بالنمو المستدام والمستقر وهو مايعطي قيمة مضافة لمشروع الشراكة المنتظرة بين القطاعين العام والخاص، فهل سنشهد مثل هذه الشراكة الواسعة في المستقبل القريب؟.