في هذا الشهر المبارك يقبل الناس على قراءة القرآن والاستزادة من بركاته، لأنهم يعرفون أن هذا الشهر -رمضان- هو شهر القرآن فربنا عز وجل يقول: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)، والقرآن معين متضاعف من الأجر والحسنات، وبه يزيد المؤمن من رصيد حسناته ويضاعف من جميل أعماله فرسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام يقول: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف). والمتأمل في حال قراءة أغلبنا للقرآن يجد اختلافاً عن طريقة السلف في قراءة القرآن، فالقرآن عندهم مثلث أضلاعه: (التلاوة والفهم والعمل)، أما نحن فلم نكمل أضلاع المثلث، وتأمل في كلام الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (من أراد أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد) حين كان يصف حالهم مع القرآن بقوله: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن)، وهذا خليفة رسولنا الكريم عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات، فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النبي خمساً خمساً)، وبالأمس حدثني الشيخ صالح المغامسي حفظه الله وقد كان أول ضيوفي في برنامجي الرمضاني أن القرآن يجب أن يصحبه كتاب التفسير حتى تتم لنا الفائدة من قراءة القرآن، فالقضية إذا ليست هي هذا القرآن فقط دون تأمل معانيه ومن ثم العمل بها، بل هي معايشة الآيات ووصولها إلى أعماق قلوبنا وعقولنا كي يحصل التأثير الحقيقي للآيات، وما زلت أتفكر في فعل ابن عمر رضي الله عنه عندما قرأ البقرة في ثماني سنين كما رواها مالك في الموطأ. إننا بحاجة لفتح صفحة جديدة مع القرآن نكمل فيها أضلاع مثلثه، ونعيد ونكرر الآيات حتى نصل لمعانيها المقصودة، ونلجأ لأهل الذكر من الأحياء والأموات لنفهم ما أشكل وخفي عنا، وأن تكون جوارحنا وأفهامنا تقرأ القرآن مع ألسنتنا، ورمضان فرصة مواتية لفتح هذه الصفحة الجديدة.