أعترف الآن وأنا بكامل قواي العاطفية،أنني إمرؤ مصاب بالشيزوفرانيا وإنك الأنثى الوحيدة على هذه الأرض التي تتعامل مع مرضي هذا بكثير من الحب وكثير من الوعي. تطوين جناحيك على الإنسان بداخلي بحنان أم ، وتوسّعين مساحة الفضاء لأجنحة الشاعر وتجمّلينه بألوان قُزح. لديك قدرة خارقة لا أمتلكها حتى أنا على تحديد الخط الفاصل بين الحبيب وبين الشاعر، بين أصابعي وبين قلبي، بين الكرسي الذي يتوسّط «جنينة» أضلعي وبين المقعد الخشبي في حديقتي العامة، لم تخطئ حساباتك يوما في تحديد ذلك الخيط الرفيع بين الأشياء، أعترف أيضا أنك أنثى تشبه ديوان شعر من نسخة واحدة فقط، ولا يمكن إعادة طباعته أو نسخه. وأعترف إنك لطالما غسلتِ بشاعتي بماء جمالك، ولطالما تعاملت مع أنانيتي بنكرانك لذاتك .. وواجهتِ بخلي بكرم عطائك .. أعترف أن هدوء ذلك الصوت والسكينة التي يتوشحها كثيرا ما أفقدني أسلحتي دون أن أشعر،وصادر ثورتي دون أن أحس،جرّدني من سيفي ومن حصاني،وأخذ من يدي بيرقي،فأجدني طائعا مستسلما، وإذ بيديك تمسح على رأسي وتدلّك جبيني،وإذ بي أغفو بين يديك كطفل! وقسوتي برقّة طباعك .. وهجيري بظل شجرك الوارف .. وضفّرت جدائل نزقي بأشرطة حنانك الوردية.. واحتضنتِ لهب أنفاسي بندى ابتسامتك الصافية.. وخبأتِ صداعي بنعيم حضنك.. وأخذت جفافي لمواسم أمطارك.. ويبَاس ورودي لقوافل هتّانك.. وظلمة صوتي لمدائن نورك.. دائما ما كنت كريمة معي حد الإرتواء.. وجميلة حد الاشتهاء.. أنثرك في غياهب الصيف،وتزرعينني في كف الربيع.. أكتبك في دفاتر البعد،وتقرأينني في سفر الاحتضان .. أنفث في راحتيك الليل،وتتْلين على مقلتيّ ما تيسّر من آيات النهار، ليس لنبلك حدود.. ولا لصبرك شواطئ.. ولا يشبهك أحد في قراءة خارطتي النفسية وفهمها،ولا يعني ذلك أحد سواك.. أنت فقط تسيّرين الماء في جداول روحي،وتملأين به سواقيها الجافة إلا من طحالب قتلها الظمأ.. وتخضّبين كفوف أيامي بحناء الفرح،وتنقشين فيها كلمات أغاني الأعراس.. وترتّبين أوراق قصائدي حسب أبجدية العواطف وفهرستها حسب نظام الوجد النديّ.. وتجمعين زهور الكلمات لتضعيها على طاولة الكتابة كل صباح لأنتقي منها ما يناسب عطرك.. وأنت الوحيدة التي تملك دلالاً على النجوم لتجعلها تقترب كثيرا من نافذتي كل مساء .. تَرْشِين النسائم لتصاحب خطواتي أينما ولّيت قلبي.. أنوثتك الهادئة الرقيقة فتنة.. تُخبّئ خلفها قوة غير عادية على الحب والعطاء.. لا يراودك الشك في صواب قلبك .. ولا في خيارات عواطفك.. قوية رغم كل مظاهر اللين في تصرفاتك.. حتى صوتك الناعم كلمسة حرير لم تفقده نعومته تلك قدرته على إيصال إيمانه بما يقول ومدى حسمه له.. لم أشعر يوما أن ذلك الهمس الرقيق ينتج عن موقف متردد،بل على العكس من ذلك تماما،كان بطريقة ما يشعرني ذلك الصوت الهامس بأنه عازم وجازم فيما يقول ! وأعترف أن هدوء ذلك الصوت والسكينة التي يتوشحها كثيرا ما أفقدني أسلحتي دون أن أشعر،وصادر ثورتي دون أن أحس،جرّدني من سيفي ومن حصاني،وأخذ من يدي بيرقي،فأجدني طائعا مستسلما، وإذ بيديك تمسح على رأسي وتدلّك جبيني،وإذ بي أغفو بين يديك كطفل! أعترف أنك الأنثى الوحيدة التي تفنّنت بحبها لي، وأنك الأنثى الوحيدة التي... لا أستحقها !!!