كناية عن قلة العمل في جمعية الثقافة والفنون اختزل داوود الشريان في برنامجه الثامنة جمعية الثقافة والفنون وأنشطتها في صحن الفول، ليأتي تعليق رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون سلطان البازعي بتقديمه دعوة للشريان لا لتناول صحن فول واحد، بل ستة عشر صحنا من الفول اللذيذ، وكأنه بهذا يشير إلى أن الجمعية تمتلك حاليا ستة عشر فرعا في جميع مناطق ومحافظات المملكة، وللشريان أن يختار أيا منها ليتناول في رحابه صحن فوله الذي أشار إليه. برغم هذا كله يوجد خلل شنيع هو في ظني الذي دفع بهذه الأصوات لتعلو وتصدر أحكامها، لتردد مقولة إن جمعيات الثقافة والفنون لا دور لها ولا فاعلية ولا تأثير، وبرغم اجحاف هذا الرأي وظلمه للجمعية فقد كان من الواجب أخذه على محمل الجد، والتعاطي معه بشيء من الاحترافية وتعليقا على هذا وذاك، (ومن باب الطرافة لا أكثر)، أقول للبازعي لا يبدو أن مشكلة الشريان وحيرته في المكان الذي سيتناول فيه صحن الفول الذي دعوته عليه، بل القضية في ظني تتجاوز الأمكنة إلى ما هو أبعد، فالفول هنا هو المائدة الثقافية والأطباق الفنية والخلطات الإبداعية المتنوعة التي ينتظرها الشريان وغيره من أفراد المجتمع من مؤسسة ثقافية فنية كجمعية الثقافة والفنون، والذي فهمته أيضا أن الشريان - وهذا رأيه لا رأيي - لا يرى أن جمعية الثقافة والفنون أدت دورها في تقديم مائدة ثقافية دسمة للمشهد الثقافي ولا للمجتمع السعودي، وأنها تشبه طبق الفول المعروف عنه أنه من الوجبات سريعة التحضير وسهلة التقديم بل وسريعة الالتهام، ونفهم من ذلك أن الشريان يتهم الجمعية بالاكتفاء بالعمل الثقافي الباهت غير المؤثر، فكان الفول تفسيرا منه لوجهة نظره. وحتى أكون منصفا أقول : من كان قريبا من فروع جمعيات الثقافة والفنون يعلم تمام العلم حجم العمل فيها، ويدرك مدى المعاناة التي تواجه القائمين عليها، فالعمل - للأمانة وللحقيقة - كبير ومتنوع، والوجبات في بعض الفروع دسمة حد التخمة، على الرغم من الإمكانات الضعيفة، والبنى التحتية البائسة، التي لا تليق البتة بمؤسسة ثقافية بين طياتها أكثر من خمسة أقسام فنية وأدبية، وهي حقيقة أشهد بها كوني أحد المنتمين إلى هذا الكيان وأحد الذين بذلوا فيه قصارى الجهد والعطاء، فالجمعية إذا أردنا الصدق ليست على النحو الذي وصفها الشريان به، إنها كيان يعمل كخلية نحل، وبعض فروعها لا تكاد تهدأ في برنامجها السنوي، ولكن، برغم هذا كله يوجد خلل شنيع هو في ظني الذي دفع بهذه الأصوات لتعلو وتصدر أحكامها، لتردد مقولة إن جمعيات الثقافة والفنون لا دور لها ولا فاعلية ولا تأثير، وبرغم اجحاف هذا الرأي وظلمه للجمعية فقد كان من الواجب أخذه على محمل الجد، والتعاطي معه بشيء من الاحترافية. على سبيل المثال، كنت أتمنى من رئيس الجمعية البازعي وبدلا من أن يدعو الشريان لستة عشر صحن فول أن يناقش الأمر مع إدارته ومدراء الفروع في السبب الذي يغيب هذا النشاط الكبير الذي تؤديه فروع جمعية الثقافة والفنون عن القطاع الأوسع من أفراد المجتمع السعودي، وقد اشرت في أحد مقالاتي السابقة إلى هذه الإشكالية التي تعانيها جمعيات الثقافة والفنون، وهي حالة العزلة عن المجتمع، وأنها رغم هذه الجهود لم تتمكن حتى اللحظة من تجاوز معضلة الهوة الواسعة بينها وبين الناس، وقد طالبت حينها بأن تتوجه الجهود لبرنامج احترافي مقنن تسارع به الجمعية لهدم هذا الحاجز العتيد، حتى لا يختزل الشريان وغيره كيانها الذي بلغ ما يزيد على الأربعين سنة في (صحن فول). [email protected]