دخلت شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت في منافسة محمومة لكسب المشتركين من خلال طرح خدمات تلامس احتياجاتهم وتحاكي مختلف شرائحهم وأعمارهم . وظهرت في تلك المواقع التي تعود نشأتها إلى أواخر تسعينات القرن الماضي خاصية مشاركة الملفات الشخصية بين المستخدمين وخدمة إرسال الرسائل الخاصة لمجموعة من الأصدقاء فقط, وقد طورت خدماتها إلى توفير خدمات جديدة مثل مشاركة الصور والملفات الصوتية والمرئية والروابط والنصوص والمعلومات وحتى مشاركتهم في التطبيقات والألعاب التي يوفرها الموقع للمستخدمين, قد قدمت هذه المواقع تطبيقات خاصة بالهواتف والأجهزة اللوحية لسهولة الدخول إلى موقعها, وغيرت هذه المواقع طريقة ارتباط واتصال الناس من جميع الفئات والأعمار والجنسيات إذا لم تعد مشكلة المكان والزمان موجودة في نطاق الإنترنت بل وفرت إمكانية التعرف على أشخاص من جميع إنحاء العالم وفرت التعلم والتعرف على الحضارات والمعتقدات بجميع مجالاتها . وتمكن هذه المواقع مستخدميها من إنشاء مجموعات يتشاركون فيها في نفس المواهب والاهتمامات وحتى المعلومات العلمية والمعرفة وحتى المعتقدات الخاصة بهم, وفي الآونة الأخيرة أصبح الكثير من السياسيين والإعلاميين وحتى رجال الدين والإفتاء قاموا بإنشاء صفحات شخصية خاصة بهم أو مجموعات لهم على هذه المواقع لتوفير اتصال مباشر لهم مع الناس في جميع أنحاء العالم. وقد ساهم انتشارها على توجه الكثير من الشركات والمؤسسات إلى استعمالها في الإعلانات والتسويق لمنتجاتها لتضمن وصول هذا الإعلان إلى اكبر عدد لمستخدمي الإنترنت في العالم, وأدى هذا الانتشار إلى جعل معظم الشركات الكبرى تقوم بإنشاء مواقع تواصل اجتماعي خاصة بها تربط أصدقاء العمل بأصحاب الأعمال وتتضمن ملفاتهم الشخصية وسيرهم الذاتية وما قاموا به في سنواتهم السابقة بالعمل وحتى في الدراسة, وتمكنهم هذه المواقع بالاتصال بأصحاب أعمالهم بشكل مباشر. وأكد الطبيب النفسي حمود البغيلي إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي مكنت الناس بشكل أكبر من التعرف على حضارات الشعوب الأخرى وعاداتهم وتقاليدهم وساهمت بشكل كبير في تكوين علاقات جديدة مع الآخرين في أي كان, كما ساهمت في انتشار المعلومات والمعرفة على المستوى الثقافي والاجتماعي إلا أنها قد تسبب الإدمان على الإنترنت بشكل كبير وقد تسبب إضرابات نفسية بسبب الاختلاف بين البيئة المحيطة بالمستخدم والبيئة التي تمثلها هذه المواقع, إذ أن بيئة المستخدم قد لا تتماشى مع مدى التوسع الاجتماعي في هذه المواقع. وأكد على ضرورة وجود مستوى رقابه عالي جدا بالنسبة لصغار السن إذ أنهم عرضة لمعرفة كل ما هو جديد عليهم بصورة خاطئة عن طريق هذه المواقع وهذا التواصل مع الآخرين, ووجوب نشر الوعي من قبل الأهل قبل السماح لهم باستخدام هذه المواقع, وأفاد أنه لا يوجد سن معين لدخول هذه المواقع في ظل وجود الرقابة على مستخدميها. وقال المتصفح عبدالرحمن المكري: إن عدم وجود ضوابط وقوانين رادعة في هذه المواقع أدى حدوث الكثير من الاعتداءات على المعتقدات سواء كانت دينية أو سياسية وحتى على مستوى الأفراد بسبب فرض الحرية فيها لدرجة كبيرة, وعلى الجانب الأخر أن هذه المواقع خلقت نوعا جديدا من التواصل بين الناس ببعضهم بعضا وبين الشخصيات العامة في المجتمع مثل المفكرين والسياسيين ورجال الدين وحتى الوزراء و رؤساء الدول, وسهل إمكانية جس نبض الشارع من قبلهم لمعرفة أحوال الناس. فيما أشار المتصفح أمين عبدالله إلى أن هذه المواقع أعطيت أكبر من حجمها في مجتمعنا بسبب تعلق الكثير من الشباب بها بسبب الوقت الذي يقضونه في تصفحها, وأنها غير مناسبة للشعوب المحافظة إذا أن 90 بالمائة يستخدمونها للتعارف والتسلية غير البريئة وأنها مضيعة للوقت وليس للمعرفة والتطوير والاستخدام الإيجابي لها ,لافتقادها للمصداقية في المعلومات وفهمهم الخاطئ لمعنى الانفتاح, مما قد يؤدي إلى عدم القدرة على التفريق بين المعتقدات والعادات والتقاليد في ظل هذا الانفتاح. وقال مشعل الحميدان احد رواد شبكات التواصل الاجتماعي: إن انتشار هذه المواقع وفّر التواصل والترابط بين الناس وحتى الأقارب عن طريق هذه المواقع إلا أنها أفقدتهم معنى صلة الرحم المباشرة واكتفائهم بالتواصل معهم عبر هذه الشبكات وعلى الصعيد الأخر فقد وفرت للمستخدمين إمكانية مشاركة الصور والفيديو وتشاركهم حتى معتقداتهم وتكوين صداقات جديدة مع مستخدمين من دول ومجتمعات أخرى بسبب وتوافرها بعده لغات. وتقوم إدارات هذه المواقع بوضع حسابات المستخدمين ضمن محركات البحث العالمية مثل (Google, Yahoo, bing) بهدف بناء أكبر دليل الكتروني يحتوي على اكبر عدد ممكن من المعلومات والتفاصيل الشخصية لمستخدميها, وتشير آخر الإحصائيات الى ان عدد مستخدمي موقع الفيسبوك (Facebook) في العالم يصل الى ما يقارب 643 مليون مستخدم في الوقت الحالي, أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية فيبلغ عدد مستخدميها ما يقارب 3,5 مليون مستخدم. وفي سياق متصل كشفت أنباء عن عزم شركة جوجل إطلاق موقعها الاجتماعي الجديد «Google Circles» في مايو المقبل ، لينافس موقع فيس بوك ، حيث يتيح «Google Circles» تبادل الصور والملفات والإطلاع على تحديثات الحالة الخاصة بالمستخدم من قبل أصدقائه، ويتميز عن الشبكات الاجتماعية الأخرى بقدرته على وضع الأصدقاء في دوائر يتم تقسيمها حسب قوة العلاقة وطبقاً لنوعية دوائر الأصدقاء، كما يتم ضبط المحتوى الذي يمكن تبادله معهم.