معاد ومكرور أجتر أيامي، وتجترني، وأنسكب على الورق كما أي كهل أوجعه الترقب .. والترحال .. والسفر.. هأنا أهبط.. وأصعد.. وأنشق.. وألتم.. وتجمعني أيامي سطورا كما ترون!! مثقل رأسي وقدماي بكل هذا الهم والغم والتعب.. وأتوق الى ان أرتاح وأرتد سنين الى عيون صغاري الذين كبروا وشاخوا.. واقتاتتهم الأيام مثلي.. وما عاد بوسعي أن أسبح ما بين أهدابهم ومطالب حياتهم. لقد تلوث الصغار وأفسدهم الزمن القاسي الذي لا يرحم. كنت أرى - قبل الرحيل - مدني.. وأدور حولها وتدور حولي.. وأتسلل الى قاعاتها المضيئة وأعناق نسائها.. وعطرها.. وتمتلئ أذني بأعذب موسيقاها وتنام عيني ملء أجفانها.. وأصحو في غدي على صخب «دواعيس» المدن الكبيرة وصراخ باعتها وزحام ناسها.. فأهرب الى تلك الأرياف الخضراء.. أو أركب الريح الى جبال شاهقة بيضاء.. أفترش سحبها وأتدثر بغيوم سمائها لقد عدت - بعد أن كنت أتأهب وأحزم أمتعتي - للرحيل.. والارتداد الى الخلف مضن وقاس وصعب على عجوز مثلي يبحث عن ظل الجدار.. أو عن ضوء ساطع يأتي من بعيد. كنت أرى - قبل الرحيل - مدني.. وأدور حولها وتدور حولي.. وأتسلل الى قاعاتها المضيئة وأعناق نسائها.. وعطرها.. وتمتلئ أذني بأعذب موسيقاها وتنام عيني ملء أجفانها.. وأصحو في غدي على صخب «دواعيس» المدن الكبيرة وصراخ باعتها وزحام ناسها.. فأهرب الى تلك الأرياف الخضراء.. أو أركب الريح الى جبال شاهقة بيضاء.. أفترش سحبها وأتدثر بغيوم سمائها.. وأغتسل من هموم الدنيا برذاذ مطرها.. وتجف دموعي.. وأكتفى بدموع السماء. كل هذا حرمت منه، لأعود الى عذاباتي الصغيرة ومناكفة خلق الله - الذي يسوى - واللي ما يسواش.. ومن يدعي.. ومن يكذب.. ومن يستعدي عليك الحكومة.. والحجر والناس.. ويرى انه قادر على تقويم أخلاق البشر.. وهو لم يستقم بعد كما أمره الله.. ولم يعف - بعد - عن أذى الناس، ولم يكتف بنعم الله عليه، ويستكين ويهدأ. ثم من قال: إني جاهز لصنع أجنحة لهؤلاء الباحثين عن الشهرة والمكانة والمكان.. أو تلويث قلمي بأسمائهم. إنهم يدبون في الأرض كما يشاءون ويشترون مواقعهم بإصرار جازم.. ومثل هؤلاء لا أعبأ بهم.. ولم أعتد أن ألوى عنقي.. للتطلع الى مخلفات هذا الزمن البائس. الأمر ببساطة لا يتطلب جهدا.. ولا ردا.. ولا جدلا ولا يحزنون.. فقد اختار كل مكانه الذي يناسبه، وهذا يكفي .. ولا أزيد.