تكرر سنوياً ظاهرة ارتفاع الأسعار في المواد الغذائية تارة بأسباب مبررة ومقنعة إذا ما علمنا أن هذه الأسباب تعود إلى الارتفاع في البلد المصدر للسلعة أو عوامل الطبيعة, وتارة أخرى ترتفع الأسعار بدون وجود سبب حقيقي ومقنع وحرص الكثير من الشركات والتجار في تحقيق أكبر ربح مادي دون مراعاة للأنظمة أو القوانين أو ظروف المواطنين من ذوي الدخل المحدود. غلاء وجشع «اليوم» التقت عدداً من المواطنين لرصد آرائهم, حيث يقول علي الهديب أنه عند تسوقه بين فترة وأخرى يفاجأ بارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية حيث أصبح أصحاب الشركات والمستوردون للسلع يرفعون الأسعار بدون إعلان أو تنبيه للزبائن ودون تسجيل اعتذار للزبائن وإخبارهم عن سبب الارتفاع في الأسعار, مضيفاً بأن ارتفاع الأسعار لم يعد محصوراً فقط في مهر الزواج أو بناء المنازل بل وصل إلى كافة القطاعات سواء الأراضي أو السيارات أو المواد الغذائية أو السلع الاستهلاكية مضيفاً بأن هذا الارتفاع غير مبرر ويوجد نية مبيته من التجار والمستثمرين إلى تعمد رفع الأسعار واستغلال حاجة الناس وإقبالهم على الشراء في رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه دون خوف أو اكتراث أو تقدير لقيم المجتمع والدين التي تحارب الجشع والغلاء والاحتكار وتدعو إلى مراعاة أحوال وظروف الناس وحوائجهم. تواصل دائم ويبين عبد الله الشمراني أنه دائماً على اطلاع ومعرفة بأسعار المواد الغذائية من خلال مؤشر السلع الاستهلاكية على موقع وزارة التجارة حيث قام بملاحظة في ارتفاع بعض الأسعار في العديد من مراكز البيع والتسوق في مدينة الرياض وقام بتقديم العديد من البلاغات من خلال الهاتف المجاني الذي تم وضعه في الموقع لتلقي البلاغات مضيفاً بأن الكثير من أصحاب الشركات والسلع الاستهلاكية يعرفون كيف يسوقون السلع وبيعها بأسعار مرتفعة مستغلين جهل الكثير من المواطنين بهذه الأسعار إضافة إلى عدم وجود قوانين دقيقة وصارمة تحدد أسعار السلع والسماح لها بالدخول في السوق السعودي وفق أسعار معقولة مثل بقية العديد من الدول المجاورة والتي يضبطون الأسعار بشكل قانوني ومنظم. عروض ومغريات وفي ذات السياق يقول تركي العابد أن الجميع يعرف أن ارتفاع الأسعار هي مشكلة وظاهرة عالمية موجودة في كل الدول لكن في سلع وخدمات معينة ولكن في السعودية يوجد ارتفاع أسعار في كافة السلع والمنتجات بدون مبرر أو سابق موعد مضيفاً بأن المواطن السعودي أصبح يقارن في الأسعار بين تلك الموجودة في بلده والبلدان الأخرى فيجد اختلافاً كبيراً يوضح بما لا يدع مجالاً للشك بأن هناك قصدا وتعمدا من التجار والشركات السعودية في رفع الأسعار واستغلال الظروف لتحقيق مكاسب مالية كبيرة بطرق وأساليب متنوعة من خلال تغيير أشكال وعبوات السلع أو وضع العروض والتخفيضات الوهمية والتي لا تقدم ولا تؤخر. إقبال كبير ويقول الحارث فيصل يعمل بائعاً في محل للتموينات الغذائية في مدينة الرياض أن الزبائن يقبلون على شراء السلع والمنتجات الغذائية بشكل كبير وملحوظ في مواسم معينة مثل شهر رمضان والإجازات الدراسية حيث تعادل نسبة الشراء في شهر رمضان ثلاثة أضعاف الشهور الأخرى حيث يكثر الطلب على المنتجات والمواد الغذائية الخاصة بشهر الصوم سواء العصائر أو الأكلات مثل: السمبوسة واللقيمات وغيرها من الأكلات مهما كانت الأسعار والتي تختلف من سنة إلى أخرى حسب كل منتج مضيفا يصبح هناك عزوف من الزبائن في الشراء في أوقات معينة مثل وقت الصيف بسبب السفر والإجازة حيث تتكدس بعض البضائع في المحلات لعدة شهور حتى يتم تصريفها وبيعها من جديد بعد انتهاء أفضل موسم للبيع وهو شهر رمضان ونهاية الأسبوع أيام الخميس والجمعة وبأسعار متفاوتة عن كل شهر. ظروف المواطن ويذكر علي القحطاني بأن المواطن والأسرة السعودية أصبحت تواجه ظروفاً ومعاناة صعبة من جراء غلاء المعيشة الذي يزيد يوماً عن يوم في ظل محدودية دخل بعض المواطنين والذي لا يتجاوز دخله الشهري ثلاثة آلاف ريال إضافة إلى الأسر الفقيرة والتي عليها أعباء والتزامات مالية كبيرة مثل السكن : والسيارة وفواتير خدمات الكهرباء والاتصالات مضيفاً بأن ارتفاع أسعار السلع والمنتجات سيشكل عبئا اقتصاديا كبيرا على الأسرة والمواطن ما لم يوضع له الحلول والخطط الناجعة لمواجهة الغلاء والقضاء عليه. المقاطعة ويشير فهد الحمدان أن مقاطعة السلع والمنتجات التي ترفع أسعارها دون مبرر هو الحل الناجح والمفيد حتى تضطر الشركة أو التاجر إلى البيع بالسعر المناسب للسلعة مضيفاً بأن وسائل الاتصالات الحديثة سواء الانترنت أو الجوالات سهلت نقل المعلومة أو الخبر بين الناس ومن ذلك قيام مجموعة من الشباب السعودي في إنشاء موقع متخصص لمراقبة الأسعار ومقاطعة الشركات والمؤسسات التي تبالغ في رفع الأسعار من خلال التشهير بها وحث الناس وتعريفهم بوجوب مقاطعة هذه المنشآت التي تتلاعب بالأسعار وتستغل حاجة الناس وظروفهم المادية. تعطيل الحلول ويذكر عبد الله الدوسري أن هناك حلولا واضحة ومناسبة للقضاء على غلاء الأسعار والحد منها ومن ذلك تفعيل ودعم جمعية حماية المستهلك للقيام بدورها وعملها، والتنسيق بين وزارة التجارة والوزارات والهيئات والجهات الحكومية ذات العلاقة للرقابة والتنسيق فيما بينها لتوحيد الأسعار ووضع السعر العادل للسلع حتى لا يكون هناك ضرر للتاجر والمستهلك، كما يجب التشهير ومعاقبة الشركات والتجار المخالفين الذين يبيعون منتجاتهم بأسعار مرتفعة وجعلهم عبرة لبقية التجار , وكذلك دعم الدولة للسلع وتخفيض الجمارك للسلع والتشجيع على المنافسة والاكتفاء بالمنتجات المحلية. وقف تصدير السلع إلى الخارج يسهم في استقرار الأسعار رئيس جمعية حماية المستهلك يسأل المواطنين: أين ثقافة التخزين؟ قال الدكتور ناصر التويم رئيس جمعية حماية المستهلك: إن الجمعية تتلقى الكثير من الشكاوى من المواطنين بخصوص ارتفاع أسعار العديد من السلع بما فيها المواد الغذائية ويتم مخاطبة الجهات ذات العلاقة للقيام بمهامها وحماية المستهلكين من ارتفاع الأسعار, مضيفاً بأن «لجنة الأسعار المشكلة في وزارة التجارة تقوم بجهود طيبة لضبط الأسعار وعدم استغلال المستهلكين وحمايتهم». ودعا المواطنين إلى ضرورة التعاون والتبليغ عن السلع والمنتجات التي يتم رفع أسعارها وذلك من سبيل التعاون وتحقيق المصلحة العامة المتمثلة في حماية كافة المستهلكين من زيادة الأسعار أو الغش في السلع المستهلكة. وأضاف التويم بأن «بعض التجار يقومون برفع الأسعار بشكل متعمد, كما أن ارتفاع الأسعار في بعض السلع مفتعلة وغير مبررة مثل الأرز وذلك لأن هذه السلعة انخفضت أسعارها في دول العالم والمملكة دعمت هذه السلعة مما ساهم في وجود أكثر من 600 ألف طن من الأرز الاحتياطي لدى التجار, وهي كمية كافية إذا ما علمنا بأن المملكة تستهلك أكثر من مليون طن سنوياً من الأرز». وطالب التويم المواطنين بأن يعوا ثقافة تخزين بعض المواد الغذائية بكميات كبيرة والتي يتم استهلاكها بشكل متكرر وذلك لمنع التجار من رفع الأسعار وعدم اضطرارهم للشراء بالأسعار التي يحددها التجار في السلع التي لا يمكن الاستغناء عنها.