المسحاة هي اداة حرث يدوية قديمة تراجع استخدام الفلاحين لها مع دخول الحراثة الحديثة إلى بلادنا منذ حوالي نصف قرن. صحيح أن ثقافة الحراثة الحديثة قد اكتسحت ثقافة المسحاة في الواقع الملموس على غرار كل الأدوات القديمة التي جرى تغييرها لأدوات جديدة مع حمولات ثقافية جديدة، إلا أن الثقافة السائدة بشكل عام لا تزال ترزح تحت حمولات هائلة من بقايا ثقافة سادت على مدى قرون ولا يزال تأثيرها فاعلاً في ثبات او تحرك المجتمع للأمام. ولتلمس هذا الدور السلبي لثقافة لم تحسم امرها بعد، يمكن للمتابع العادي لآليات تنفيذ السياسات التنموية المقرة من السلطات العليا والمعترف بضرورتها من قطاعات واسعة من السكان، عمل المرأة نموذجاً ملاحظة الأساليب الملتوية لكيفية وضع توجه استراتيجي للدولة موضع التنفيذ. في يوم السبت من الشهر الماضي ، نشرت وسائل الإعلام آلية وقواعد تأنيث المستلزمات النسائية الموقعة بين الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضبط السلوك العام ومنع المخالفات فستتولى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفقا لاختصاصها بحسب الأنظمة واللوائح والتعليمات لديها .....الخ) ليس من المبالغ فيه القول بأننا لسنا أمام عملية توظيف بسيطة لنساء يحتجن العمل بكرامة بل نحن امام خطة اقرب ما تكون لحالة طوارئ في مقر افتراضي الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ - كجهة اختصاص ومراقبية ومعالي وزير العمل كجهة راعية لحق المواطن في العمل رجلاً كان أو امرأة. رئيس الهيئة الدكتور آل الشيخ صرح في معرض تعليقه على الإتفاق (ان هذه الخطوة تأتي في إطار حرص القيادة الرشيدة ، ومعاضدة للجهود المخلصة في توفير فرص عمل كريمة وفق الظروف التي تناسبها بالتعاون بين هيئة الأمر بالمعروف ووزارة العمل) حسناً ما المشكلة؟ الحكومة وعلى لسان كبار مسؤوليها تقول ان عمل المرأة ليس فقط حقا بل ضرورة تنموية. المشكلة تبدأ مع التفاصيل في الثقافة السائدة وتحديدا ثقافة المسحاة وفي رؤوس من لا تزال تقبع؟ يكفي لمعرفة ذلك، الإطلاع على تفاصيل (آلية وقواعد تأنيث المستلزمات النسائية) المشار إليها سابقاً والمنشورة في وسائل الإعلام في الأسبوع ما قبل الماضي. كيف ستعمل النساء وكيف ستكون تحركاتهن وكيف سيذهبن للمخازن التي يعمل بها رجال بل كيف سيتمكن الرجال الذين يزيد طولهم على 160 سم من التسوق بينما الحواجز لا تزيد على هذا الإرتفاع، خاصة وأن المخالف سيخضع لمحضر واقعة على يد الفرق الميدانية وإحالة (كامل اوراقه إلى مركز الشرطة لإتخاذ اللازم حيال تلك المخالفة . أما ضبط السلوك العام ومنع المخالفات فستتولى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفقا لاختصاصها بحسب الأنظمة واللوائح والتعليمات لديها .....الخ) ليس من المبالغ فيه القول بأننا لسنا أمام عملية توظيف بسيطة لنساء يحتجن العمل بكرامة بل نحن امام خطة اقرب ما تكون لحالة طوارئ في مقر افتراضي لأحد مواقع العمل الذي سيتعرض لخطر داهم. ومع كل الاحتمالات المتشائمة، يبقى أمر غاية في الأهمية. هذا الأمر هو أن المرأة السعودية ستقتحم اليوم مواقع العمل المتزايدة ولن تفعل مظاهر الشك والريبة في اهليتها للعمل او بقائها في البيت بناءً على اختيارها هي غير زيادة اصرارها في المساهمة مع اخيها السعودي في توطين ثقافة الحقوق والبناء. [email protected]