المهنيون يخطئون لدرجة أن هناك فرعاً من التأمين للتحوط ضد المخاطر المهنية سواء أكان المجال طبياً أو عدا ذلك. وتشترط الهيئة السعودية للتخصصات الصحية لمنح ترخيص المزاولة أن يكون الممارس -سواء أكان طبيباً أو من الكوادر الطبية- أن يمتلك تغطية تأمينية، هي للطبيب بحدود خمسمائة ألف ريال. وبطبيعة الحال، لا يعفي الغطاء التأميني من المساءلة المهنية أو القضائية ولا يحرم مَنْ وقع عليه الخطأ من حقه في اللجوء للقضاء لإنصافه. وقبل أيام سمعنا جميعاً بألمٍ بالغ أنباء نقل دم ملوث بفيروس "الإيدز" لمريضة في مستشفى بجازان. وحسب ما هو متداول فإن الدم نقل للمريضة بالخطأ، وهذا خطأ فاتك ليس بالامكان تصحيحه. وإحدى أشهر حالات النقل العمد للدم الملوث حدثت في فرنسا وأطاحت بسياسيين صدرت بحق عدد منهم أحكام قضائية، ولم يقتصر الأمر على فرنسا فمعظم الدول المتقدمة طبياً شهدت حالات كالولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وسواها. وإجمالاً، تأخذ حالات نقل الدم الملوث بالايدز حيزاً إعلامياً عريضاً أما أخطاء نقل دم ملوث بفيروس التهاب الكبد الوبائي وأمراض أخرى فتمر قضاياها عادة دون أن تُلاحظ إعلامياً. أعود لنقل دم ملوث للفتاة في جازان، لأسأل: ما الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات؟ هل نتوقع صدور نشرة صحفية أولية لتنوير الرأي العام حول حالة الفتاة ذات ال 15 ربيعاً، ومدى إمكانية تخليصها مما أبتليت به نتيجة للخطأ الطبي؟ وكيف وقع الخطأ؟ وما الاجراءات التي ستتخذها الوزارة؟ حتى كتابة هذه الأسطر لم يصدر عن الوزارة أو مديرية الشئون الصحية نشرة صحفية تجيب عن كثير من الأسئلة المثارة.. في حين أن الأسئلة لم تبرح التجول في المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي باحثة عن إجابة ليس من باب "اللقافة" بل للاطمئنان على المواطنة أولاً وقبل أي شيء وكل شيء، وللاطمئنان على سلامة الإجراءات المتبعة لنقل الدم في سائر المستشفيات الحكومية والخاصة .. والتطمين يكون عادة بنشر معلومات رسمية من مصدر مسئول سريعاً وبالتفصيل وبوتيرة رتيبة، وإلا ستبقى الأسئلة قائمة وسيخمن كلٌ إجابة.. وفيما ننتظر نشرة وزارة الصحة حول الموضوع أُكمل معكم غداً بإذن واحد أحد. توتير: @ihsanbuhulaiga