حتى قيام الشاب محمد بو يزيدي بحرق نفسه أمام مقر محافظة ( سيدي بو زيدي) التونسية في 17 ديسمبر 2010م لم يخطر في بال معظم صانعي ومنفذي السياسة الخارجية الإيرانية- أن تونس - وهي الدولة العربية الوحيدة التي استنسخت النموذج (العلماني –الاتاتوركي) منذ تحوّلها من مملكة لجمهورية عام 1957م - ستقود الدول العربية نحو موجة من الاحتجاجات الشعبية ستسقط العديد من الأنظمة العربية ،وقد تصل أثارها للحدود وحتى للداخل الإيراني . ففي العاشر من فبراير 1979م استقبلت تونس (المتحسِّسة من أيّ نظام يحمل صِفةً دينية )، الثورة الايرانية بنوع من القلق الشديد، ومما زاد من تخوف النظام التونسي هو زيادة نشاط حركة الاتجاه الإسلامي ثم إعلان إنشاء حركة النهضة الاسلامية في يناير 1981م ، حيث لم يخفِ الشيخ راشد الغنوشي اعجابه بالإمام الخميني ،حيث يقول الغنوشي: «لقد جاءت الثورة الخُمينيَّة في وقت مهم جداً بالنسبة إلينا، إذ كنا بصدد التمرد على الفكر الإسلامي التقليدي الوافد من المشرق.. فجاءت الثورة الإيرانية لتعطينا بعض المقولات الإسلامية التي مكنتنا من أسلمة بعض المفاهيم الاجتماعية اليسارية.. فلما جاءت الثورة الخمينية علمتنا درساً آخر من الكتاب العزيز لخّصته هذه الآية من سورة القصص (ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونُمكِّن لهم في الأرض ونُري فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يحذرون)، وجدنا فيها الحل وكأننا نقرأها لأول مرة.. شعرنا كما لو أن الفكر الإسلامي من قبل لم يقرأ هذه الآية، وكأنما هي كشف الخميني. لم يخطر في بال معظم صانعي ومنفِّذي السياسة الخارجية الإيرانية- ان تونس - وهي الدولة العربية الوحيدة التي استنسخت النموذج (العلماني –الاتاتوركي) منذ تحوّلها من مملكة لجمهورية عام 1957م - ستقود الدول العربية نحو موجة من الاحتجاجات الشعبية ستسقط العديد من الأنظمة العربية ،وقد تصل أثارها للحدود وحتى للداخل الإيراني . ثم يؤكد الغنوشي «ومن هنا اشتد حماسنا للثورة الإيرانية وأصبحت وسائل إعلامنا تنشر صور الخميني، ودروسنا أصبح فيها نفس جديد . ولذا لم يكن مستغربا ان يطلق على أعضاء حركة النهضة التونسية آنذاك اسم «الإيرانيين». من قبل الحكومة التونسية وكان من الطبيعي ان تتعاطف الحركة مع «حزب الله» بشكل مُعلنٍ و واضح . ويعتبر الشيخ راشد الغنوشي في كتابه «الحركة الإسلامية والتحديث»: «أنه بنجاح الثورة في إيران بدأ الإسلام دورة حضارية جديدة»، وأن مصطلح الحركة الإسلامية «ينطبق على ثلاثة اتجاهات كبرى: الإخوان المسلمين، الجماعة الإسلامية بباكستان، وحركة الإمام الخميني في إيران». وكتب الغنوشي في مجلة المعرفة الناطقة باسم حركة الاتجاه الإسلامي مقالاً بعنوان «الرسول ينتخب إيران للقيادة « جاء فيه: «إن إيران اليوم بقيادة آية الله الخميني القائد العظيم والمسلم المقدام هي المنتدبة لحمل راية الإسلام». ثم كتب الشيخ راشد الغنوشي في كتابه «مقالات حركة الاتجاه الإسلامي في تونس» «الذي يبدو واضحاً أن دولة شيعية قوية ستولد في إيران وستكون طرفاً أساسياً في تحديد مصير المنطقة فلا مناص من مد الجسور الإسلامية المشتركة للتعاون معها». ويعيد الشيخ راشد الغنوشي طرح تجربته المرة مع إيران في ندوة «إيران والعرب.. مراجعة في التاريخ والسياسة»، والتي عقدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بقطر في 19/12/2010م في ورقة بعنوان «علاقات مغاربية إيرانية مضطربة» ،حيث يقول: «في خِضَم مواجهة النظام التونسي للحركة الإسلامية «حركة الاتجاه الإسلامي»، في بداية الثمانينات، أقدم النظام التونسي على قطع علاقاته بالجمهورية الإسلامية (عام 1987م) ، مُتّهِما إياها بدعم الحركة الإسلامية، وعزز قناعته ما أقدمت عليه هذه الأخيرة من حماس منقطع النظير في المنطقة للثورة الإسلامية وتبشيرها بشعاراتها ورموزها التي حملت صورهم منشوراتها على الأغلفة، فحجبتها نهائيا وشنّت حملات شعواء على قياداتها وكوادرها، وظلت العلاقات الدبلوماسية مقطوعة طوال الثمانينيات. وللحديث بقية .. abdulahalshamri@