تفنن الدول (الخالية من حقوق الإنسان) في إهانة مواطنيها لا حدود له. وقد كانت صورة المصري حماده صابر وهو يُعرى ويُسحل أمام قصر الاتحادية صادمة ومؤذية وبشعة لكل عين آدمية من مشارق الأرض إلى مغاربها. كان مثل (الدودة) تحت أقدام الجلاوزة المعتدين، الذين لا يمكن تخيل كيف نُزعت منهم إنسانيتهم وقلوبهم وحتى كراماتهم، فأنت حين تهين إنسانا إلى درجة فضح عورته أمام الملأ والكاميرات فهذا يعني أنك بلا كرامة لأنك أصلا بلا شعور إنساني من أي نوع.!! والأدهى والأمر أن يخرج المعتدى والمفترى عليه ليقول إنهم لم يفعلوا لي شيئا، بل أنا الذي (أتعبتهم) وهم يريدون إنقاذي. أي أنه يبرئ، بمنتهى الغلب والضعف والانكسار، جلاديه مما ارتكبوا وصدقته كاميرات التلفزيون أمام أعيننا. وهنا نفهم كيف تكون مهانة العيش ذلا طاغيا يصل معه الضحية إلى مدافع عن من يغتصب كرامته ويستبيح جسده. الإنسان في عالمنا مسحول قائما وقاعدا ومجاهدا وخانعا ومعارضا ومؤيدا وبسيطا وصعبا رجلا وامرأة، وذلك لأننا لم نصل إلى الآن في أية بقعة عربية إلى الاحترام الحقيقي لآدميته وحقه في الحياة والعيش الكريم والصوت المرتفع لأخذ حقوقه. نريده نعجة، شبعانة أو جائعة، لا تهش ولا تنش وتساق إلى مذبحها وهي تسبح بحمد وشكر الجلادين الذين نشفق عليهم من تعب رفع الهراوات وتجهيز المقاصل.!! نحن أمة تحتاج إلى زمن آخر متغير لنعي قيمة الإنسان الذي كرمه خالقه وأهانته أنظمته، التي لم تتعلم شيئا لا من التاريخ ولا من الحاضر.. وإلى أن نصل إلى ذلك الزمن فأنت كمواطن عربي: مسحول.. مسحول.. مسحول. @ma_alosaimi