حزمة القرارات الملكية الأخيرة التي بلغت 20 أمراً ، بتكاليف تقدر ب 91 بليون دولار تعد استكمالاً لمسيرة القرارات الإصلاحية التي يصدرها خادم الحرمين الشريفين الواحد تلو الآخر رغبة منه في رفع مستوى معيشة ورفاهية المواطن والمواطنة السعودية وتوفير سبل الحياة الكريم لهما والحرص على توزيع مداخيل البلد على كافة أفراد العائلة السعودية وفئات المجتمع المختلفة. لقد اشتملت القرارات على تنفيذ مشاريع كبرى وطموحة وبخاصة في مجال الاسكان والقطاع الصحي. فعلى سبيل المثال قضى الأمر الملكي باعتماد بناء خمسمائة ألف وحدة سكنية في كافة مناطق المملكة، بتكاليف اجمالية تصل إلى مائتين وخمسين بليون ريال وعهد إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة المالية ووزارة الاقتصاد « الهيئة العامة للإسكان» بتنفيذ هذا المشروع في المملكة. كما تم اعتماد مبلغ 16 بليون ريال لوزارة الصحة لتنفيذ وتوسعة مدن طبية ومستشفيات تخصصية ومراكز طبية ومراكز للرعاية الصحية الأولية. السؤال أو الهاجس الذي تملكني أثناء وبعد سماعي لهذه القرارات هل يا ترى وزاراتنا حسب هياكلها الإدارية الحالية وآلية عملها قادرة على تولي وتنفيذ مثل تلك المشاريع الكبرى في الوقت المحدد وحسب الميزانية المرصودة وبالجودة والسرعة التي ينشدها المواطن ويتطلع لها صاحب القرار !! ما أرغب ايضاحه هو ان الاعتمادات المالية الضخمة لم تعد مشكلة وانما المشكلة في آلية التنفيذ بسرعة وبحسب المواصفات المعتمدة. لذا أقترح أنه حتى يكتب لتلك المشاريع الوطنية الكبرى النجاح في تنفيذها على الوجه الأكمل والأفضل يجب اتباع أرقى وآخر الممارسات الإدارية في تنفيذ المشاريع بالاستعانة ببيوتات الخبرة العالمية في هذا المجال، وارساء مقاولات التنفيذ على الشركات والمؤسسات ذات السمعة المهنية العالية والتي لن تكون في جميع الأحوال أقلها سعراً أو تكلفة. ولا أرى في ذلك مشكلة ما دامنا نمتلك الموارد المالية التي تساعدنا على الأخذ بهذا الخيار ولكن بشفافية كبيرة . لأنه قد يتم اختيار شركة ما تقدم عروضا مالية أقل ولكنها تنفذ المشروع في النهاية بأسوأ المواصفات والمقايس وطواقم العمل مما يجبرنا في كثير من المرات إما بالاقتناع بما هو منفذ خلافاً للشروط المتفق عليها او فرض حلول ترقيعية تبقى معنا ما بقي المشروع قائماً: نفق الدمام مثال حي «يلبط» من تكرار تسرب المياه إليه !! تنفيذ خمسمائة ألف وحدة سكنية دفعة واحدة عدد ليس بالقليل حتى على مستوى الدول بغض النظر عن حجم ميزانياتها. لذا أود التنوية هنا إلى الأخذ في الاعتبار القيم الجمالية والتصميمية التي ستنتج من جراء تنفيذ تلك المشاريع الاسكانية. الوحدات السكانية ستكون مكوناً معمارياً ملحوظاً في الكثير من مدن المملكة لذا يجب الحرص على تصميها بأسلوب يراعي بيئة المملكة ويضيف بعداً جمالياً ابداعيا نوعياً لشكل وصورة المدينة في المملكة . لذا لدينا الفرصة سانحة في تحويل أشكال وتصاميم تلك الوحدات السكنية إلى تصاميم عمرانية ايقونية تبهج النظر من دون التاثير سلباً على وظيفتها الأساسية وهي توفير السكن الملائم لمستحقيه. ومرد هذا الحرص هو ما نفتقده في الكثير من مدننا وبلداتنا ومشاريعنا العمرانية الكبرى، وخاصة الحكومية منها من تصاميم جمالية عمرانية تعطي للمكان ملامح إنسانية وذوقية رحبة تتجاوز الكتل الاسمنتية الكالحة التي لا تضيف للمشهد الاجتماعي السعودي العام إلا مزيداً من التحفظ والانغلاق والانكفاء على الداخل !! لذا، لربما نحن في حاجة إلى زيادة أعداد المهندسات المعماريات السعوديات للعمل في وزارت الدولة لتخفيف حدة هذا الذوق الرجولي ! [email protected]