تحولت منطقة الصحراء في مالي إلى ميدان حرب حيث يسقط بلا شك مئات الأبرياء الفقراء الذين ليس لهم علاقة بكل ما يحدث، فقط لأن الله قدر لهم أن يغشى بلادهم قوم متوحشون لا يعرفون إلا لغة العنف والحرب والافتراء على الإسلام بسفك الدماء الطاهرة المعصومة باسم الله. كانت مالي بلداً مسالماً إلى أن نمت في ربوعها جماعات تعتنق العنف كعلاقة حياة، وتسمي ذلك جهاداً وإسلاماً، بينما لو أنها تؤمن بصحيح الإسلام لكان المجال أمامها أرحب وأكثر قبولاً ونجاحاً وهو نشر الدعوة بالمحبة والود والسلام والقدوة الحسنة وتقديم الإسلام كما هو لا كما يودون أو يفسرونه. ولكن جماعات العنف والغلو التي تدعي انتماءها إلى الإسلام إنما أصبحت هي النموذج الأمثل لأشد أعداء الإسلام، لأنها لوت عنق الإسلام الدين العظيم الشامل لكل شئون الحياة واختصرته فقط في العنف والحرب والقتل، وكأن نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يبعث إلا قتالاً ذباحاً، بينما هو رحمة للعالمين، ورسول سلام ومحبة والقدوة الحسنة، وما لجأ لحرب وما شرع الجهاد إلا إذا وجد حرباً صريحة من الآخرين ومنعاً للدعوة الإسلامية الصحيحة بعد أن يحاور ويجادل ويناقش، ورسول الله وما كان يشك بأن الله سوف ينصره في كل أمر. ونقول الدعوة الإسلامية «الصحيحة» لأن ما نشهده الآن أن مجموعات الغلو و الإرهاب لا تعرف من الإسلام إلا الحرب والقتل، وتتعامى عن تعاليم الإسلام وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بضرورة المناصحة الخيرة والكلمة الطيبة ونشر الإسلام بالقدوة الحسنة. ومع الأسف فإن هذه المجموعات نفرت المسلمين من الإسلام وشوهت هذا الدين العظيم وصورته للدنيا على أنه دين قتل وحرب ودم، وليس رسالة رحمة وتسامح وتعاون على البر والتقوى. وحولت مجموعات الإرهاب المجتمعات التي تسيدتها إلى مراجل دماء وحرب وكره وفرقة وغلظة، من افغانستان إلى الصومال إلى الجزائر في التسعينيات إلى مالي الآن وبعض مدن اليمن التي احتلتها هذه المجموعات المفترية على الدين وتعاليمه ومكارم الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته وأحاديثه. وهذه الجماعات تشن أشرس هجمة على الإسلام باسم الإسلام، لأنها تأخذ من الدين بعضا وتترك بعضاً، فهي تعصي تعاليم الإسلام الخاصة بعصمة دماء الناس وأموالهم ومنع تكفيرهم إلا بالحق، وتقدم تفاسير من عندها لأحاديث الجهاد والنهي عن المنكر، بهدف جعلها ستاراً لغاياتها الإجرامية ولتعطي لنفسها تبريراً لا أكثر لسلوكياتها العنيفة المخالفة لكون الإسلام دين رحمة وتسامح ومحبة وأمر بمعروف. وأن الله رؤوف رحيم قبل أن يكون شديد العقاب. ويتعين على علماء الأمة الإسلامية نشر توعية شاملة بين المسلمين لتعريف الناس بالثقافة الإنسانية الإسلامية الصحيحة وأن المسلمين ما كان لهم أن يمدوا سلطانهم إلى بقاع واسعة من العالم لو أنهم عاملوا الناس بالكره والشدة والغلظة والحرب والعدوان.