لا يختلف اثنان بأن عالمنا المتغير يحمل إلى الجميع جملة تحديات متباينة في طبيعتها وحجمها سوى إننا في منطقة الخليج الأكثر مواجهة مع تلك المتغيرات سواء الفكرية أو الثقافية أو تلك التي تستهدف الخارطة الجيوسياسية للمنطقة بما فيها من ثوابت مرحلية ألفنا التعايش معها طويلاً وأخرى تمثل سلسلة من التغيرات التي ظهرت على الساحة الإقليمية توافقاً مع الربيع العربي و ما قبله من تغيرات في العراق وأفغانستان استدعتها ظروف ما بعد 11 سبتمبر , وتلك الخارطة والمسماة بالشرق الأوسط الجديد هي ما روجت وبشرت بها الأوساط السياسية والإعلامية العالمية قلباً لموازين القوى في المنطقة وردة فعل مؤكدة لما وراء 11 سبتمبر من فكر وتجمعات , فأين نحن من تلك التغيرات وما يعززها من مواقف دولية وتصريحات تستهدف إقصاء الدول الخليجية من واجهة الصدارة الاقتصادية والتي تغذي غالباً مواقفها السياسية وصلابة بناها السياسية وعلاقات مكونها الداخلي , فقد استقلت نحونا كل الظروف والمحركات كهدف مباشر للمضي نحو الشكل الجديد للمنطقة بمفهومه السياسي والجغرافي حيث استنهضت العديد من القوى الخافية والأقليات , بل وعممت الكثير من الأفكار علانية وسراً لتغذي بدورها ذلك التغيير الذي يجب أن نتنبه إن مخطط التغير يدار في بعض جوانبه بيد شركاء محليين وإقليميين يحملون من الفعالية والتأثير ما يدعو للقلق فعلاً للنتائج المحتملة , لذلك تبقى صياغة فكرة التحول إلى الوحدة الخليجية بين دول المنطقة هي المشروع الأقوى للمواجهة المنطقية لجملة التحديات إليه جميعاً قوى وأقليات وعموم بعقلانية دون اندفاع أو لمجرد عواطف حماسية بل بحسابات متقنة أفراداً وجماعات تستجلب فيها بدقة مقاييس الربح والخسارة ووفق منظور مستقبلي لشكل تجمعاتنا وكياناتنا , ولعل في الخطاب الأمريكي المتكرر في صيغه ومضامينه السياسية أحياناً والاقتصادية أحياناً أخرى والاستهداف المعلن للاستغناء عن النقط الخليجي وتوالي التقارير الاقتصادية للإدارة في الولاياتالمتحدة حول الاعتماد على مواردها المحلية لتأمين احتياجاتها من النفط في المستقبل القريب إضافة إلى المواقف العلنية بشأن الأحداث في المنطقة مما يعني أن مخطط التغير يدار في بعض جوانبه بيد شركاء محليين وإقليميين يحملون من الفعالية والتأثير ما يدعو للقلق فعلاً للنتائج المحتملة , لذلك تبقى صياغة فكرة التحول إلى الوحدة الخليجية بين دول المنطقة هي المشروع الأقوى للمواجهة المنطقية لجملة التحديات التي تستهدف خلخلة البنى والمؤسسات القائمة وذلك بصياغة قوية نحو المستقبل , فالطرح الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله في قمة الرياض العام الماضي للأخذ بمشروع الوحدة الخليجية كان يسترعي جملة الأفكار والتحديات المحيطة ويضع قيادات المنطقة وشعوبها أمام مواجهة لتلك الظروف بشفافية مطلقه ويحملهم أيضاً مسئوليات التعاطي مع المرحلة بكل ما فيها من تحديات , كما أن لتوحيد الخطاب الخليجي المحلي في الشأن السياسي وجملة تفريعاته يعد ضرورة ملحة لتمتين المواقف أمام مشاريع التغيير والتأثير التي تستهدف المنطقة وتتبناها الآن الدوائر المركزية في قوى عالمية نافذة لا تبرح أبدا في خلط الأوراق وتحشيد المؤثرات واستخدام كل الممكن لتحقيق ذلك المشروع البنيوي الجديد , وهو ما يدعو فعلاً إلى ثورات إيجابية تقودها الحكومات المحلية للانقلاب على مظاهر الفساد وضعف الإدارة والتوظيف غير المتقن للمقدرات وتحسين ثقافة الشعوب وعلاقات أطيافها حتى لا تكون مثل تلك المظاهر مدخلاً للانتهازيين للنيل من شعوب المنطقة ومجمل أمورها , ولعل ما في البيان الختامي لقمة البحرين الخليجية قبل يومين ما يحمل الكثير من البشرى والتطمينات لأبناء المنطقة لتحقيق تلك الوحدة بعد العمل على صياغة بنودها وفقاً لما تقتضيه المصلحة للعبور إلى المستقبل بثقة وتجاوز التحديات العالمية وظروفها بدبلوماسية تجنب الجميع ويلات التغيير وتهزم المخططات المعلنة التي تستوعب القيادات السياسية جيداً مجمل أبعادها . Twitter @nahraf904