دائمًا ما نسمع بعض الإعلاميين يرفضون ربط الوطنية بالمجال الرياضي ، فبعضهم يقول ما علاقة الرياضة بالوطنية ؟! وهل تكون سببًا مباشرًا في وصف بعض النجوم بعدم الوطنية؟ في هذا الأمر تحديدًا يجب أن نتفق على وجهة نظر واحدة، تتمثل في أن العمل الوطني واجب على كل فرد من أفراد المجتمع، بحكم انتمائه لهذا الوطن وخدمته من الواجبات الملحة مهما كان نوع الخدمة وفي أي قطاع من قطاعات الدولة . ولا يقبل من أحد كائنًا من كان وتحت أي عذر أي تخاذل أو تقاعس في أداء واجباته تجاه الوطن، فهي قاعدة لا يُقبل فيها أي استثناءات مهما كان الأمر، لأن الوطن والمواطنة من الأساسيات المهمة في حياة الشعوب، ولن ينهض أي وطن ويتقدم دون تكاتف أفراده وتضحيتهم من أجل رفعته وسموه حتى يبقى شامخًا مزدهرًا . هذه نقطة جوهرية لا يقبل فيها أي نقاش مهما كان الأمر، وتعزيزها في النفس من الضروريات التي لا يمكن تجاوزها أو التقليل منها، ومن المهم أن نتفق عليه من مبدأ خدمة الوطن مهما كانت أهمية هذه الخدمة، لهذا من الظلم أن نجد تبريراً لأي فرد يرفض خدمة الوطن مهما كان عذره، وهو قادر على خدمته، بل من المفترض أن تكون المبادرة منه دون قيد أو شرط ، ويتألم عندما لا يحظى بشرف خدمة وطنه . قد نتهاون في الأشياء السهلة، والتي نعتقد أنها بسيطة ولا تؤثر، ولا نعيرها أي اهتمام، لكن انتشارها عبر وسائل الإعلام قد تسبب مشكلة كبيرة في تغيير بعض الثوابت التي يجب أن تكون ركيزة من الركائز الأساسية عند كل فرد من أفراد هذا المجتمع، فالدين- والوطن- والمليك- ثوابت لا يمكن المساس بها أو حتى التهاون فيها تحت أي ظرف من ظروف الحياة، لهذا من الضروري جدًا أن نعمل على تعزيز هذه الجوانب لدى أفرد المجتمع . والمجال الرياضي أرض خصبة يمكن استغلاله بالشكل الإيجابي لإيصال أهمية هذه الجوانب لكل أفراد المجتمع الصغير قبل الكبير بأسلوب سهل وسلس يستوعبه الجميع، ونمرر من خلاله ما يعزز ثقافة الانتماء للوطن. لكن عندما يحدث العكس ونجد من يستسهل هذا الأمر بطريقة أو بأخرى، ويعمل على فصل المجال الرياضي وخدمة الوطن من خلاله عن الوطنية والمواطنة الحقيقية، هنا يجب أن نعيد تقييم الموقف بشكل أكثر وعيًا وإدراكًا لأننا بهذا قد نبتعد عن بعض المفاهيم المهمة التي تصب في مصلحة الوطن، وقد نقع في المحظور دون أن نشعر ، مما قد يؤدي إلى زعزعة روح الانتماء لهذا الوطن. أستطيع شرح ما سبق من خلال هذا المثال، المجال الرياضي وتحديدًا كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية بين كل الألعاب، ومتابعوها بالملايين وهم من فئة الشباب كنسبة عالية ، عندما يسمعون عن اعتذار لاعب عن الانضمام للمنتخب، وهو يؤدي مع ناديه أفضل المستويات ويحقق نتائج إيجابية لفريقه، سيشعرون بأن أهمية الوطن من خلال تقديم ما يفيده ويرفع من شأنه لم تعد بتلك القيمة المهمة، وهذا أمر خطير متى ما وصل هذا الشعور لنفس أي فرد من أفراد المجتمع . في السابق يتسابق نجوم الرياضة السعودية على خدمة الرياضة السعودية وعندما يجدون أسماءهم من خلال وسائل الإعلام المحدودة في تلك الفترة، تجدهم في قمة الحماس ويقدمون الغالي والنفيس من أجل خدمة الوطن، لكن اليوم اختلف الأمر تمامًا لم يعد هناك نجوم يحملون نفس القدر من الحماس والرغبة التي كانت موجودة لدى نجوم الأمس، فيظهر من يعتذر عن المشاركة بسبب وضعه النفسي وهو يقدم مع ناديه أفضل العروض. والكارثة الأخرى - إن صحت الأنباء - عن مدرب المنتخب السعودي فرانك ريكارد عندما اتصل بأحد النجوم يستأذنه في ضمه للمنتخب .. أمر مخجل لو صح هذا الخبر . ياسر القحطاني - كقائد للمنتخب السعودي - يقع على عاتقه مسؤولية كبيرة تجاه شباب هذا الوطن كقدوة لهم، من هذا المنطلق نستطيع أن نقول بأنه لم يوفق في قرار الاعتزال الدولي، فخدمة المنتخب مهمة وطنية في المقام الأول لا يقبل فيها أي اعتذار مهما كانت الأسباب والمبررات، حتى لا يكون هذا القرار مأخذًا عليه أمام الرأي العام ويظهر أمام المجتمع بصورة لا تليق به شخصيًا؛ لأن التأويلات ستطوله وقد تذهب بعض الآراء لمنحى آخر بعيدة كل البعد عما يدور في نفس ياسر، ولا تجد من يقبلها؛ لأنها قد تطال روح الانتماء والمواطنة، ومنهم من قد يرى بأن انتماء ياسر لناديه أكبر من المنتخب الوطني. خدمة الوطن أمر واجب، ومن يرفض خدمته لا يستحق العيش فيه، مهما كانت المبررات، الجميع جنود مجندة لخدمة هذا الوطن . ودمتم بخير ،، [email protected]