الانصراف في الغالب يكون بعد العاشرة صباحا حيث يكون الطالب قد أنهى الامتحان وخرج من المدرسة، والخطر يكمن في المدة الزمنية ما بين الانصراف وحتى يعود للمنزل. هذه الفترة التي قد يتساهل فيها بعض الآباء عن متابعة أبنائهم هي من أحرج الأوقات التي تمر على الطلبة وتحمل الشيء الكثير من المخاطر، فانتشارهم في الشوارع بلا هدف يشكل فوضى عارمة وإزعاجا، حتى أن المارة ومستخدمي الطرق لم يسلموا من أذيتهم، هذا الأقل سوءا، أما الأكثر فمصيبة، فربما يكتسب بعضهم عادات سلوكية سيئة لا حصر لها أبسطها «الدخان» يتعلمونها من رفاق السوء، أو من أصحاب النوايا السيئة الذين يتصيدون الصغار ويستغلونهم فيما لا تحمد عقباه ومع خلو الرقابة من الكبار أو عدمها يتفاقم الأمر. ناهيك عما يحدث من مشاجرات واشتباكات بين الطلاب في الشارع في هذه الفترة. رأيت بعيني في سنوات سابقة مجموعة طلبة في مضاربة كما يسميها البعض من أبناء الشوارع بين أكثر من طالب، وجمهور كبير محتشد من الطلبة تفرغوا لزيادة حماس المتضاربين «باللغة ذاتها» أما الحزانى فهم من لم يسعدهم الحظ ويجدوا نافذة من بين التجمهر يرون من خلالها الغالب من المغلوب، فما كان منهم إلا أن اعتلوا أسطح عربات متوقفة في المكان ذاته غير عابئين بحياتهم، فلم يفكروا بمصيرهم المحتوم فيما لو تحركت تلك العربات؟!! سلوكيات للأسف طائشة وتتكرر كل عام، أما الكبار من الطلبة فالاستعراض بسيارتهم وارد، تفحيط وتهور وشبه سباق ماراثوني، وسائل قتل للهو والاستعراض، والشاهد النسب العالية للحوادث المرورية في فترة الامتحانات التي تحصد الأرواح. الأمر هين وليس صعبا، ولن أطلب الكثير والمكلف من أولياء الأمور، فقط طلبي رجاء ومع جزيل الشكر متابعة الأبناء في هذه الفترة، والتأكد من معرفة وقت انصرافهم من المدرسة وحتى وصولهم للمنزل، وعدم السماح لهم بالعودة متى شاءوا، فالبقاء فترة من الزمن ولو قصرت، الدقيقة الواحدة منها قد تكون لا قدر الله بداية لنهاية مؤسفة. أعرف أن محبة الآباء لأبنائهم هي محبة، الله أودعها في نفوسهم، حب غير مشروط يفوق كل حب، إلا أنني أُحذر من بقاء الطلبة في الشوارع الخالية بعد انتهاء دوام المدارس. حذار من هذه الفترة التي يستغلها غير الأسوياء فأخطارها لا تعد ولا تحصى. الغريب أن ما يحدث اليوم يتكرر في نفس الوقت في كل عام، والأغرب أن الحوادث المؤلمة تخمد جذوتها بمضي فترة زمنية قصيرة بالنسبة للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والمجتمع، لكنها تبقى نارا تشتعل في عمق أعماق المحترق بنارها وهم الآباء والأمهات. أكرر: أتمنى أن يتنبه الآباء لهذا الخطر الذي لا يأتي بخير. شكري وتقديري لمن يراقبون الله في أمانتهم وهم كثر.