تسعى معظم المنظمات إلى ترويج مفهوم الثقافة المؤسسية وهي تتنافس وتتفاخر بهذه الشعارات الرنانة، وسيكون من البديهي أن يعتمد نجاح الشركات والمؤسسات على رأس المال البشري أكثر من أي وقت مضى، كونه يلعب دوراً محورياً في تحقيق الريادة وروح المبادرة، التي بدورها تُعزز مستويات الإبداع والابتكار، فالاختيار الدقيق للكفاءات وأعضاء فرق العمل وحده ليس كافياً، حيث تلعب البيئة التي تُعزز الإبداع وتُثمن جهود المواهب وتربط فرق العمل من خلال تحديد هدف مشترك، دوراً بالغ الأهمية في إحداث نقلة نوعية. وتُعتبر رحلة تطوير ثقافة الشركة رحلة تصاعدية تدريجية ومتعددة الأوجه، تبدأ أولى مراحلها عند أعلى مستويات القيادة، وتتشكل مراحل تقدمها اللاحقة على أساس الشعور بأهمية الهدف المنشود، ويكون الهدف مشتركاً ومدفوعاً بمجموعة من الأهداف، التي تتجاوز المكاسب المادية أو الأهداف التجارية ما يمثل حافزاً ومصدراً للإلهام ودافعاً للتعبير عن الذات والاستمرار في الإبداع والابتكار، إنّ الهدف الأسمى المشترك بين الموظفين هو السبب الحقيقي، الذي يدفعهم إلى الذهاب للعمل كل يوم. وتُعد الفجوة بين ثقافة الشركات وكيفية تفسيرها من أهم الأسباب الشائعة، التي تؤثر على نمو الشركات، وكثيراً ما يُعزى ذلك إلى عدم وجود ملامح واضحة لثقافة الشركة يتم تطبيقها في بيئة العمل، ويمكن للإدارات معالجة تلك الفجوة من خلال تحديد وإظهار معايير السلوك، التي تعكس الثقافة العامة للشركة. ولكي تكون ثقافة الشركات انعكاساً حقيقياً ينبغي أن تحمل الثقافة العامة للشركة بصمتهم، وهذا يعني إشراك الموظفين في تشكيل الثقافة وبلورتها، وتعد بمثابة حافز ونموذج يحتذى به من قبل الآخرين. كما تميل الإدارة غالباً إلى إبراز الأخطاء، التي يقوم بها الموظفون بشكل أكبر مقارنة مع الاعتراف بإنجازاتهم ومساهماتهم الإيجابية. ويؤدي ذلك بصورة غير مباشرة إلى تعود الموظفين على توقع الانتقاد واللوم، لذا يكون الثناء في الغالب أمراً غير معتاد، وعندما يتم الاعتراف بإنجازات الموظفين وإبرازها باستمرار ومكافأتهم عليها من الطبيعي أن يُصبحوا أكثر تقبلاً للنقد البنّاء، والتوجيه السليم وتُصبح فرق العمل أكثر ميلاً للابتكار والتفوق في أدوارها وتُتيح مكافأة السلوك الصحيح فرصة كبيرة لتعزيز المعايير المرغوبة للسلوكيات العامة، لأنّ الاعتراف بإنجاز الموظفين علناً يحفّز أقرانهم لتقديم أداء أفضل من أجل الظهور بمثل هذه الصورة أيضاً، والاعتراف بإنجازاتهم.