التوسع في تدريب وتوظيف السعوديين والسعوديات ينبغي أن يظل من البرامج المستدامة لدى جميع الجهات المعنية بتوطين الوظائف وتنمية الموارد البشرية، لأن ذلك يتخذ مسارا إستراتيجيا في بناء الوطن في الحاضر وعلى المدى البعيد، وحتى لا يصبح مثل هذا الهدف في سياق التنظير بعيدا عن التطبيق فإن أي اتفاقية أو جهود لاستيعاب السعوديين والسعوديات في البرامج التدريبية والوظيفية ينبغي تنفيذها فور التوقيع عليها أو إقرارها. مؤخرا وقع صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف»، سبع اتفاقيات تعاون لتدريب وتوظيف السعوديين والسعوديات، ودعم الشهادات المهنية الاحترافية، مع الغرف التجارية الصناعية بتبوك، والجوف، والقريات، ونجران، وجدة، وجازان، ومركز كفاءة الطاقة. وبموجب ذلك، سيتولى الصندوق بالتنسيق مع الغرف التجارية الصناعية في تلك المناطق تقديم برامج دعم تدريبية ومالية، لتدريب وتأهيل وتمكين وتوجيه وتوظيف السعوديين والسعوديات في منافذ البيع في 12 نشاطا تجاريا مستهدفا بالتوطين، بالإضافة إلى تقديم خدمات الإرشاد المهني. ذلك من الأهمية بما لا يسمح بأي تراخٍ أو تساهل في إيجاد طرق لتشغيل المستهدفين عقب تدريبهم وتمليكهم القدرات المطلوبة لأداء الأعمال والوظائف بكفاءة عالية تتناسب مع طموحاتنا في سد الفجوة العملية وحصولهم على فرص وظيفية مناسبة، وتعزيز برامج الإحلال بالأجانب في القطاعات التي تم الإعلان عن توطينها، وفي ذات الوقت ينبغي أن يستتبع ذلك ثقافة عملية ووظيفية تجعل الموظفين الجدد أكثر عناية بمتطلبات وظائفهم خاصة في القطاع الخاص الذي يحتاج إلى التزامات أكثر من أصحاب الأعمال. عملية التوطين تنطوي على مصالح متبادلة بين أبناء الوطن من الموظفين وأصحاب الأعمال، وعلى كل طرف القيام بما يلزم من أجل استمرار العمل، وتطوره، فعالم «البزنس» قد يكون ضاغطا للجميع حيث يرغبون في أوضاع تصاعدية من النمو والمكاسب، وذلك يأتي بالالتزامات العملية والوظيفية، والحرص على تحقيق المصالح، وذلك لا يأتي إلا بدعم من التأسيس الذي يبدأ من دور تنمية الموارد البشرية والغرف التجارية، حتى لا نلقي أبناء الوطن في اليم وهم مكتوفو الأيادي دون خبرات وسند، ونطلب منهم ما قد يفوق طاقاتهم. لذلك لا خيار عن التوطين سوى التوطين، وحسنا فعلت وزارة العمل بالاتجاه إلى توطين وظائف الصيدلة التي يوجد بها كثير من الشباب الخريجين الذين بحاجة إلى تلك الوظائف وهي ليست قليلة، ولا ننظر فقط من منظور الكم وإنما الكيف، فهؤلاء الخريجون من كليات مرموقة سواء من داخل الوطن أو خارجه لا مجال آخر للعمل فيه سوى الصيدلة، إلا إذا توقف بهم الحال دون عمل فيها أو في أعمال ذات صلة بالإنتاج الدوائي أو حتى عمليات تسويقه، حينها يمكنهم الاتجاه إلى أعمال أخرى للكسب، ولكن ذلك في حدود ضيقة بانعدام الفرص وهو ما لا يحدث طالما هناك صيدليات وشركات دوائية. من الأهمية بمكان أن تتسع قاعدة التوطين في كل ما يمكن أن يصلح لاستيعاب أبناء الوطن، ورغم يقيننا بأن منطق السوق غير عاطفي، إلا أنه لا بد من الموازنة بين ضرورة توظيف السعوديين والحفاظ على مصالح أصحاب الأعمال، فإذا كانت تكلفة توظيف السعودي كبيرة على صاحب العمل قياسا بالأجنبي، فذلك أمر يحتاج إلى مقاربات مع صندوق تنمية الموارد البشرية ووزارة العمل من جهة، والقطاع الخاص من جهة أخرى، ولكن في النهاية لا بد أن تبقى الأولوية لتوظيف السعودي أو السعودية طالما هناك وظائف متاحة، وحتى مبدأ التدرج بالنسب في التوظيف جزء من التيسير وقراءة السوق واتجاهات العمل والاستثمار، لذلك نأمل التكامل والتنسيق بين مختلف الأطراف والجهات المعنية حتى تتوازن عملية التوطين وتحقق أهدافها بكفاءة وفعالية.