** استوقفني كثيرا حديث المدرب الأرجنتيني الشهير«سيميوني» المدير الفني الحالي لأتلتيكو مدريد الأسباني عندما عزا خسارة فريقه الدورية الأخيرة أمام ريال مدريد لسبب جوهري وعقلاني، إذ قال ما نصه: لم نخسر بسبب قرارات الفار ولا حكم المباراة، خسرنا لأن الخصم كان الأفضل!! ** لم يمض على هذا التصريح سوى أيام قلائل حتى خرج سولشاير المدير الفني للمان يونايتد بتصريح مشابه تماما لما قاله سيميوني عقب خسارة الشياطين الحمر بهدفين نظيفين أمام باريس سان جيرمان حيث قال: علينا أن نتحدث بصدق وإنصاف، باريس كان في مستوى أعلى من فريقنا لذلك استحق الفوز!! ** تصريحان في غضون أسبوع واحد يلخصان الفارق الكبير بين العقلية التي تدار بها كرة القدم عالميا، وبين أنديتنا ومسيريها وواقعها المرير مع الأسف الشديد. ** لن أجاف الحقيقة إن قلت إن هذين التصريحين درسان من دروس الوعي الغائب عن أوساطنا الرياضية المحلية، بل لن أبالغ إن قلت إنهما يمثلان خارطة طريق لأنديتنا متى أردنا أن نفيق من سباتنا العميق ونلحق بركب الآخرين!! ** تأخرنا كثيرا بسبب الفكر وعانت كرة القدم لدينا الأمرين بسبب الأزمة ذاتها، أقولها صادقا وجازما: حظيت رياضة كرة القدم لدينا بكل شيء، دعم مادي ومعنوي على كافة المستويات، ولكن غاب عنها الفكر فظلت تراوح مكانها!! ** أزمتنا الحقيقية لا تخرج عن إطار الفكر، ولنا بما يحصل في دورينا من هرج ومرج حول الفار والتحكيم واللجان خير دليل!! ** من غير المعقول ولا المقبول أن نبقى في ذات المربع نطارد الوهم ونرتجي السراب ونبيعه عنوة على الغلابة والمساكين في مشهد يوحي بالضعف، وفي صورة هي أقرب للخداع والدجل!! ** ماذا لو اشتغلت أنديتنا على نفسها وحاول مسيروها وصناع قرارها الخروج من الدوائر المغلقة والغرف المظلمة، وتخلصوا من الأوهام والفرية وادعاء المظلومية، أجزم يقينا أن دورينا سيكون مختلفا، وأنديتنا ستكون هي الأخرى مختلفة ومنتجة ومنجزة!! ** من غير المعقول استمرار المسرحية الهزلية (المظلومية) حتى وإن كانت مبررة باعتبارها شعورا إنسانيا، ولكنها حتما ستعطل العقول وتكبح جماح الوعي والإدراك الصحيح. ** أتابع دورينا بحسرة منذ عقود، إذ لا تزال العقول هي ذاتها والأعذار هي نفسها والفرية ثابتة لم تتغير!! ** سامح الله من صدر هذا الفكر وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلقد زرع أوهاما يصعب إزالتها وإخراجها من أدمغة وعقول تبرمجت فتعطلت وتوقفت عند محطة دعم الهلال!! ** أكتب بحسرة وأنا أرصد ردة فعل سيميوني وسولشاير من جهة، وجهابذة إعلام الأندية الكاذبين والمخادعين من جهة أخرى!! ** لن تتطور أنديتنا ما لم يتغير فكرها، ولن تتقدم ما لم تخرج من جلباب محاباة الهلال ودعمه، إليكم النصر هذا الموسم كأنموذج، كيف سيكون حال الفريق لو انكفأت إدارته وإعلامه وجمهوره على الفريق ولم ينشغلوا بغيره وبمماحكات عفى عليها الزمن!! ** بالأمس كانوا يقولون أعطوا الهلال الكأس ودعونا ننافس على المراكز الأخرى، وغدا ربما يخرج علينا بعضهم ليقول أبعدوه عن دورينا، وإن زدت لربما قلت إن ثمة من سيخرج مستقبلا ويقول بملء فيه: (أخرجوا الهلال من جزيرة العرب)!! ** ياسادة يا كرام، كفانا ضحكا على الذقون ولعبا على وتر الجمهور ودغدغة مشاعره لنضع أيدينا على مكمن الخلل ونتخلص من تلك الأوهام والخزعبلات والترهات، صدقوني وقتها سنكون بخير، ودورينا سيكون بأفضل حال، وجماهيرنا ستنام مرتاحة البال حتى وإن خرج فريقها صفر اليدين من الموسم بأكمله، المهم ألا نسلم عقولنا ونؤجرها لجوقة المغرضين والكاذبين ممن عاثوا في وسطنا جورا ودجلا وتعصبا مقيتا.