بدأ يوم الخميس الماضي مهرجان ربيع النعيرية الثامن عشر الذي أطلق هذا العام تحت عنوان «النعيرية موعدنا».. هذا المهرجان الذي استطاعت الجهات المنظمة له أن تثبت القدرة على تنظيمه وتطويره وتحسينه، بل واستمراره بحيث تحتوي كل نسخة منه على قيمة مضافة ليس من حيث التنظيم والإعداد والتجهيزات فحسب، بل ومن حيث المحتوى الثقافي والتراثي والاجتماعي للمهرجان، ولعل ذلك يبدو واضحا من خلال ما أضيف إلى البرنامج هذا العام، مثل إنشاء قرية شعبية تراثية تضم العديد من الأقسام المختلفة التي تعبر عن بيئة القرية التاريخية والاجتماعية والفلكلورية، وكذلك مبادرة نوعية هادفة تحت اسم «إنسانيون» يتم فيها تكريم بعض النماذج الإنسانية من الناشطين في خدمة المجتمع المحلي في كافة المجالات؛ تقديرا لما قاموا به من جهد وتشجيعا لغيرهم للاقتداء بهم في أعمال الخير وخدمة المجتمع. ولقد تسنى لي باعتباري واحدا من أبناء المنطقة أن أتابع المهرجان منذ انطلاقته الأولى إلى اليوم، ولا شك أن من تيسر له ذلك يلاحظ الفرق الكبير والتطور الملموس الذي شهده هذا المهرجان من جميع الجوانب التنظيمية والإعلامية والثقافية والتراثية، وكذلك دوره في التعريف بالمنطقة باعتبارها منطقة جذب سياحي في مثل هذا الوقت من العام، وخاصة أن اللجنة المنظمة حرصت دائما على أن يتزامن المهرجان مع عطلة نصف العام الدراسي، مما يمكن الأسر والعائلات في المنطقة وغيرها من زيارة المحافظة والاستمتاع بالمشاركة في أنشطة المهرجان. ولا شك أن ما يلقاه المهرجان من عناية الدولة على كافة المستويات كان له الفضل -بعد عون الله- في تحقيق القفزات النوعية التي شهدها المهرجان، وقد تجلى هذا الدعم في تدشين صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية للمهرجان، وتأكيد سموه على أهمية العناية أن يقدم المهرجان برامج هادفة تعكس عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الأصيلة. كما أن تعاون المحافظة والبلدية والجهات الأمنية والتعليمية والصحية والقطاع الخاص لإنجاح المهرجان وتقديم الخدمات الضرورية للزوار هو أيضا عامل مهم لإنجاحه وتطويره واستمراره. ولو أردنا أن نعدد الفوائد المادية والمعنوية التي تعود على المحافظة والمواطنين من هذا المهرجان لاحتجنا إلى وقفة طويلة، لكن الذين عاصروا النعيرية قبل سنوات عديدة وقبل أن يرتبط اسم النعيرية بالمهرجان، ويتاح لكثير من المواطنين من خلاله التعرف على المحافظة يدركون جيدا هذه الفوائد، إضافة إلى كونه إحدى الفعاليات السياحية والترفيهية التي ينبغي أن نعنى بها جميعا من أجل تنمية السياحة الداخلية في الوطن وجعلها بديلا عن السياحة الخارجية بسلبياتها العديدة. وهنا لا بد من التأكيد على أن يكون هذا المهرجان ضمن منظومة فعاليات سياحية وطنية عديدة، بدءا من مهرجان الجنادرية وعسير و«جدة غير» وغيرها من البرامج والمهرجانات وصولا إلى سياحة وطنية فاعلة ومؤثرة اقتصاديا وإعلاميا وثقافيا، وكذلك فإن الطموحات التي تبديها اللجنة المنظمة في المحافظة لتطوير المهرجان في السنوات القادمة، وصولا إلى استقبال مائة ألف زائر في فعالياته هي طموحات مشروعة وواقعية، شرط أن تتكاتف الجهود أكثر وأكثر لتحقيق هذه الغاية، مما يتطلب دعما متزايدا من هيئة السياحة والترفيه ومن الجهات والمنظمات السياحية والثقافية والإعلامية في المنطقة، بما في ذلك النادي الأدبي وجمعية الثقافة والفنون وغيرهما. وإذا كانت جريدة «اليوم» باعتبارها جريدة المنطقة قد تميزت في تغطية فعاليات المهرجان كل عام، فإن القنوات الإعلامية الأخرى مدعوة لمزيد من المشاركة في التعريف بالمهرجان على مستوى الوطن أيضا.