هو من أسمى الأعمال الإنسانية التي لا تنتظر مقابلا ماديا أو تخضع لمعايير أو اتفاقيات ملزمة، بل يندرج ضمن جهود إنسانية فردية كانت أو جماعية تُبذل من أفراد المجتمع بمختلف طبقاتهم وأجناسهم ويقوم بصفة أساسية على الرغبة والدافع الذاتي، إذ يُسهم في تلبية احتياجات اجتماعية ملحة أو يخدم قضية من القضايا التي قد يعاني منها المجتمع، ولم يغفل الدين الإسلامي عن ذكر هذا العمل الخيري العظيم والذي هو من أحب الأعمال إلى الله، فقد قال رسول الله -صلي الله عليهم وسلم- «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس» وهذا ما يدل على عِظم فضل العمل التطوعي الذي يمزج بين نفع للآخر وتذوق طعم العطاء والإنجاز ونيل الأجر في ذلك، فقد قال الله في كتابه «فمن تطوع خيرا فهو خير له». فكرة أن يصطفيك الله ويزرع في قلبك بذرة خير من خلال حب العمل التطوعي، ويجعلك عضوا نافعا ومساهما في رفع راية الأعمال الإنسانية تدعو إلى الشكر والثناء له، فالأثر الذي قد تتركه هذه الأعمال على النفس قبل المجتمع عظيم جدا فهو الربح الحقيقي من الدنيا والخزانة المليئة بالأجر في الآخرة. فالعمل التطوعي يربي الفرد ويزرع في داخله الثقة واحترام النفس والغير، كما أن هذه الأعمال تجعله يستثمر طاقته ووقته الفائض بالشكل الصحيح، وهذا ما قد يعاني منه بعض الأفراد والشباب خاصة، فهم يعانون من فترات فراغ طويلة ودوامة ملل لا تنتهي وروتين حياة قاتل. قد يكون العمل التطوعي خير سبيل ومحفزا لهم ومنبعا لتنمية شعور الولاء لهذا المجتمع ويمتص ذلك الفراغ المميت، فهو بذلك قد يكون أكثر إدراكا للمشاكل المحيطة والمحاولة في تطبيق الحلول المطروحة من خلال هذا التطوع. لقد شهدت المملكة والمنطقة الشرقية على وجه الخصوص منذ ثلاث سنوات وحتى الآن وعيا ثقافيا بأهمية العمل التطوعي وكوادر شابة متحمسة ومفعمة بالنشاط وحب الخير، كما نجد بعض مؤسسات التوظيف أو أرباب العمل يحرصون على توظيف من يحمل شهادات تبرهن أن المتقدم قد قام بعمل تطوعي مما يجعل ذلك ميزة تُحسب له عند التوظيف، وهذا ما قد يشجع الكثير حتى وإن كان يقوم بذلك لطلب الشهادة في بادئ الأمر. فهو في نهاية الأمر سيذوق حلاوة العمل كروح فريق واحد ولذة العطاء فيجعلها عادة لا وسيلة لأي أمر كان، ولأنه عمل لا يقتصر على أحد نتطلع لتعزيز فكرة العمل التطوعي في المؤسسات الحكومية بالشكل الذي يضمن جودة المخرجات المطلوبة ويساهم في الارتقاء بغاية هذا العمل السامي الذي عائده على المتطوع قبل المستفيد، واسألوا المتطوعين عن هذه اللذة.