يهدف برنامج الإسكان في رؤية المملكة 2030، إلى تقديم حلول تمكن الأسر السعودية من تملك منازل اقتصادية وذلك من خلال توفير حلول تمويلية مدعومة، كما ينص على تنفيذ برامج متخصصة لإسكان الفئات الأكثر احتياجا في المجتمع. وقد حدد برنامج الإسكان عدة مؤشرات، منها زيادة نسبة تملك المنازل للمواطنين من 50% إلى 60% في 2020، والمؤشر الثاني الأكثر أهمية هو استهداف متوسط سعر الوحدة إلى خمسة أضعاف دخل الفرد السنوي، حيث بلغ المتوسط في عام 2015م 9.90 ضعف مما يستدعي إيجاد حلول فنية تتعلق بتطوير تقنيات البناء لتخفيض أسعار بناء المساكن وجعلها في متناول شريحة واسعة من المواطنين. وبهذا انطلقت محفظة من المبادرات قادتها وزارة الإسكان لتحقيق هذه الرؤية، وما يهمنا في هذا المقام تلك المبادرات الرامية إلى إنشاء مسكن اقتصادي عبر تطوير تقنيات البناء، مما يحفز على استقطاب وتأهيل تقنيات البناء المطورة، وفي هذا المقام لعلي أقترح أن يتم التركيز على تطبيقات «الهندسة القيمية» (VALUE ENGINEERING) التي تركز على تنفيذ المشروعات بأقل تكلفة ممكنة مع الحفاظ على مستوى الأداء الوظيفي دون الإخلال بالجودة، عبر جهد جماعي منظم يقوم به فريق متخصص لتحليل وظائف المشروع وطرح البدائل المناسبة من أجل تحقيق التصميم الأمثل. إن الدراسة القيمية فرصة سانحة لسد الفجوة التي تحدث في العملية التصميمية المعتادة التي تعتمد على العمل الفردي التي تميل إلى وضع الحد الأعلى من عوامل الأمان والأداء. وتخضع دراسات الهندسة القيمية لمنهج محدد بهدف التخلص من التكاليف غير الضرورية الناتجة عن تصاميم مبالغ فيها عبر تقييم المشروع وظيفيا وفنيا واقتصاديا وموازنة التكاليف مع الوظائف المطلوبة، كما يهدف إلى تحسين جودة المشروع وتطوير الأداء بأقل التكاليف الممكنة. ويجري عمل الهندسة القيمية عبر ورش عمل تمتد من ثلاثة أيام إلى خمسة حسب حجم وقيمة المشروع، ويديرها متخصص معتمد من الجمعية الدولية لمهندسي القيمة، ويشارك فيها فريق متخصص وفق خطة منظمة تتكون من ست مراحل متسلسلة تبدأ بمرحلة جمع المعلومات ومرحلة التحليل الوظيفي ومرحلة التأمل والإبداع ومرحلة التقييم ومرحلة التطوير ومرحلة العرض والتطبيق، وتعتبر مرحلة التحليل الوظيفي حجر الزاوية التي تقود إلى دراسة قيمية فاعلة تترجم تلك الوظائف إلى أفكار ومقترحات وبدائل هدفها تحقيق الوظيفة المطلوبة بأقل التكاليف دون التأثير على مكونات المشروع، في حين أن خفض التكاليف بالطرق التقليدية كحذف بعض البنود أو ترحيلها إلى مراحل مستقبلية يؤثر سلبا على وظيفة المشروع. وخلاصة القول إن الهندسة القيمية التي يتم تطبيقها في المملكة في مشروعات وزارة الدفاع ومشروعات الهيئة الملكية وبعض القطاعات الأخرى تعد من أفضل الوسائل لترشيد الإنفاق على المشروعات لاسيما القطاع السكني الذي يمس شريحة واسعة من المواطنين، وقد أثبتت الدراسات الفعلية التي أجريت أن تطبيق أسلوب الهندسة القيمية قد يؤدي إلى تحقيق وفورات مالية تصل إلى 30% من القيمة الإجمالية للمشروع مع تلبية الاحتياجات الفعلية ومتطلبات الجودة والأداء.