يطيب لمديري كبريات الشركات العالمية أن يشيروا إليه، عندما تأتي سيرته، بالصيني الصغير. طيب لنرََ ماذا فعل هذا الصيني الصغير. «جاك ما» له قصة، كما تصف شهرزاد رائدة قصص الفانتازيا الأولى: إنها قصصٌ تُكتب بالإبر على مآقي البصر تريد أن تخرج من رأسه كالحِمم من فوهات البراكين. تقدم للعمل ليُقيمَ إوَدَه فرفِض ليس مرة وليس مرتين بل أكثر من ثلاثين مرة من وظائف تقدم لها. وعاش على معاش قليل كمعلم. القصة طويلة ذكرها السيد جاك ما الصيني الصغير مرات عديدة. وهي قصة جهاد عنيفة توصله اليوم ليكون واحدًا من أغنى أغنياء العالم. وتبلغ قيمة امبراطوريته التي سماها علي بابا (وهو أيضا اسم اخترعته شهرزاد في ألف ليلة وليلة) أكثر من أربعمائة بليون دولار.. تصوروا؟! امبراطورية كونية افتراضية بناها بعقله وجهاز حاسوب. أترون كيف العقل يغير الدول، عقلٌ فردٌ غير الصين، ولن تعود كما كانت عليه. ولم يغير في الصين فقط، فقد غير في العالم. ولا تظنوا أبدًا أن دهاقنة وأباطرة الإنترنت وجدوها سهلة لينة. كلهم تعبوا وكافحوا وفشلوا وسقطوا وتعثروا مرات عديدة ثم ينهضون للقتال من أجل طموحاتهم التي تخرم قلوبهم، وتُلهب أرواحَهم. المهم أن الصيني الصغير كان عبقري العباقرة في التسويق العظيم على مستوى كوني فهو من مزج التجارة مع المتعة فمثلا حول ما يطلق عليه بيوم العزاب العام الماضي مناسبة مزاد سوقي كوني حصد فيه خمسة وعشرين بليون دولار.. بيومٍ واحد. الصيني الصغير صار عملاقا كونيا، لذا عندما يسميه مديرو الشركات العالمية بالصيني الصغير ليس تحقيرا أو تهكمًا به، أبدا، بل مهابةً وتقديرا. قرر السيد جاك ما وببساطة وهو في أوج عطائه أن يتقاعد من العمل التجاري ويسلم شركة علي بابا التي بناها بعرقه وذكائه إلى رجل عظيمٍ آخر، هو دانيال زانج. ولكن هل انتهت قصة الصيني الصغير؟ لا، لم تنتهِ القصة. فالسيد جاك ما قرر أن يكرس بقية حياته تطوعًا للأعمال الخيرية بأنواعها. الحقيقة، ربما يكون السيد جاك ما الآن قرر أن يبدأ قصةً إنسانيةً جديدة.