خلال الأسبوع المنصرم مر علينا يوم عالمي بسلام وهدوء مع أنه يتعلق بموضوع مهم للكثير منا ألا وهو المال، وقد قيل عنه في الأمثال إنه: عديل الروح، وأفصح من ذلك قول حبيبنا عليه الصلاة والسلام: «قلب الشيخ شاب على حب اثنتين حب العيش والمال». ولأهمية المال في حياتنا وحياة أسرنا التي نرعاها كان لا بد لنا أن نقرأ ونتعلم شيئا عن الثقافة المالية، من أجل أن نعرف كيف نتصرف مع مداخيلنا المالية؟ حيث إن الكثير يعيش على راتب شهري ثابت. ومنها جاء هذا اليوم العالمي الذي يوافق 31 من أكتوبر ليذكرنا بما يسمى «اليوم العالمي للادخار». وإنه من المستغرب أن هيئة الأمم لم تضف هذا اليوم بعد إلى قائمة الأيام العالمية وهو أهم من بعض من الأيام العالمية الأخرى!. وللفائدة وبحسب ويكيبيديا، فإن الإيطالي فيليبو رافيزا هو الذي دعا لهذا اليوم من خلال المؤتمر الأول الذي عقد لتجمع بنوك الادخار في العالم. وربما وصل للبعض منا رسائل الجوال تذكرنا بهذا اليوم على خجل، وتحثنا عن أهمية الادخار، وأنه إحدى الطرق التي توصلنا إلى الاستقلال المالي، وبه أيضا نحقق أهدافنا وخططنا المستقبلة. ودعونا نمر على عجل على بعض من نقاط حول هذا الموضوع. ابتداء لا بد أن نناقش فكرة الادخار بحد ذاتها لأن البعض لا يؤمن بذلك ألبتة، ويعمل بمقولة: اصرف ما في الجيب يأتك ما في الغيب، وتلك أسوأ نصيحة مالية ممكن أن تسمعها في حياتك! لأنها تخالف مبدأ السبيبة، ويقول المؤلف بريان تريسي: الأسباب هي الوقود في فرن الإنجاز. ومن ناحية أخرى فإن هذه المقولة تدعو إلى الكسل والتواكل، وهي تماما عكس التوكل الذي جاء في الحديث الشريف: «اعقلها وتوكل». النقطة الثانية: هي أننا كيف ندخر ونحن نصرف أكثر مما نجني؟! وهنا يأتي حسن التدبير، وصدق من قال: احفظ قرشك الأبيض ليومك الأسود (أبعد الله عنا الأيام السوداء). ولنقوم بذلك علينا بمبدأ عملي وفعال وهو: ادخر واستثمر أولا ثم أنفق كما شئت! (مثلا: ادخر 10% إلى 20% من دخلك الشهري). ولو عمل الواحد منا بهذه الوصفة المالية، فلن يحتاج قراءة باقي المقال ولا حتى نصائح خبير اقتصادي!! والنقطة الأخرى المدهشة أن البعض يزعم أن الحظ له دور في أن يصبح أحدنا مستقلا أو مكتفيا ماديا. ولكن حين نبحث معهم في مشوار حياتهم نجد أن الأغلب إن لم يكن الكل قد جاءته فرص للادخار أو الاستثمار مثل: شراء عقار أو الاشتراك في مشروع صغير، ولكن فضلوا السفر أو شراء سيارة جديدة أو صرف الأموال على الكماليات والترفيه، وكأن لسان حالهم يقول: وسع صدرك!. النقطة الرابعة: ابتعد قدر المستطاع عن الأقساط للأشياء الاستهلاكية وخصوصا في بداية حياتك المالية مثل: السفر وتجديد السيارة وتغيير الأثاث من أجل عيون ونظرة الآخرين! أو الحرص على آخر موديل للجوال لكل أفراد العائلة، وآخر موديل لشاشات التلفاز وغيرها. إن المقصد ألا نلهث وراء كل جديد، ووراء كل إعلان، فتلك دوامة ولعبة استهلاكية لا تنتهي أبدا، وهو عامل نفسي تتقنه وتعزف على أوتاره الشركات في زيادة المبيعات. بل استثمر الأقساط في الأشياء التي لها مردود في المستقبل كعقار، أو محفظة استثمارية، أو أسهم في شركات كبرى مستقرة وغيرها من أنواع الاستثمارات. وأخيرا، لا ننسى نصيبنا من الادخار لما بعد نهاية رحلتنا في الحياة، فهذا استثمار من نوع آخر سنلقاه بلهفة وسعادة أو بحسرة وندامة، والاختيار اليوم هو بأيدينا!