في ظل البعد عن استخدام اللغة العربية الفصحى في حياتنا اليومية، وخاصة في لغة التواصل الإلكترونية ومع ظهور مصطلحات متغيرة وغريبة بين حين وآخر، تضاف إلى الحصيلة اللغوية لأبنائنا وبناتنا، مع الانتشار المريع للتسجيلات الصوتية الهابطة لغويا، فإن أجيالنا القادمة باتت مهددة بالانسلاخ الكلي عن هويتها، الذي يتبعه بلا شك ضياع دينها، وبقاؤها ترزح تحت التبعية والذلة ما بقيت، وحتى لا يحدث ذلك فإن علينا أن نحافظ على نقاء اللسان العربي لدى الناشئة، وألا نترك المجال للمصطلحات اللغوية البديلة لتحتل لغة التواصل بيننا وبينهم، أو بينهم وبين مجتمعهم. انظروا إلى إحدى اللغات الهجين التي تكونت عبر السنين من تداخل لغات حملتها عدة أقوامٍ في غزوة تلو غزوة فكونت ما نعرفه اليوم باللغة الانجليزية. هذه اللغة تبدلت مصطلحاتها وتغيرت كثيرا خلال قرابة ألف وخمسمائة عام، حتى أن الناطقين بها اليوم لا يكادون يفهمون مجلدات كتابها وأدبائها الذين عاشوا قبل بضع مئات من السنين. وها هو العالم يقترب من أن يتحدث بتلك اللغة، رغم ضعف مفرداتها وتراكيبها أمام غيرها من اللغات، ولا سيما أمام لغتنا العظيمة. أخشى أن يكون قد أصاب محبي اللغة العربية الوهن واليأس، ولم يعد الدفاع عن محبوبتهم يهمهم كثيرا. معلم من معلمي اللغة العربية في مصر قام بعمل يفتخر به حيث عمل الأستاذ «يسري سلال» معلما للغة العربية في مدارس الدولة، ونذر نفسه لحمل راية الحفاظ على اللغة، فأسس موقعه على الشبكة الإلكترونية «الإنترنت» وسماه «نحو دوت كوم». قام هذا المعلم الفذ ومجموعة من زملائه بالرد على آلاف الأسئلة اللغوية التي وردت إليه عبر موقعه وعلى صفحته في الفيسبوك، ولا سيما علم النحو، وأخذ يؤلف الكتب ويسوق مؤلفاته بسعر زهيد ربما لا يساوي قدر ما بذله من جهد ووقت في تأليفها وطبعها. ومن مؤلفاته: موسوعة الألغاز النحوية، نحو نحوٍ جديد. والأهم من ذلك هو إنشاؤه موقع التعليم التفاعلي للنحو. حيث يتمكن الطالب في المراحل الدراسية بدءا من الصف الرابع الابتدائي حتى نهاية المرحلة الثانوية، من الاستفادة من الدروس والاختبارات التفاعلية، ومن القيام باختبار مستواه في النحو حتى يعرف خطأه فيتحسن مستواه. هذا المعلم لم تمنعه حالته الصحية المتردية من مواصلة العمل لتحقيق حلمه في رفع شأن أعظم لغات العالم، فيا تُرى.. كم لدينا في عالمنا العربي من أمثاله؟.