دعا محققون من الأممالمتحدة الثلاثاء، الحكومة المدنية في بورما إلى إخراج الجيش من الحياة السياسية بسبب تورطه في "الإبادة" ضد المسلمين الروهينغا. وقال التقرير النهائي للمحققين: إن الحكومة البورمية " يجب أن تواصل العملية التي تهدف إلى سحب العسكريين من الحياة السياسية". فيما استنكر مختصون دور الأممالمتحدة، السلبي وغير الفاعل تجاه حكومة ميانمار وجيشها العنصري، بعد أن قتلوا مئات الآلاف من الروهينغا، وهجروا الملايين إلى دول الجوار، وغرق ومات الآلاف منهم أثناء رحلة الفرار المحفوفة بالقتل والتعذيب دون رادع، أو شعور إنساني، أو حتى احترام لقانون، كل هذا على مرأى ومسمع من المنظمة الأممية. مطالب المحققين وما زال الجيش يلعب دورا أساسيا في بورما على الرغم من وصول حائزة نوبل للسلام أونغ سان سو تشي إلى السلطة. وهو يشرف على اختيار ربع أعضاء البرلمان، ما يسمح له بعرقلة أي تعديل دستوري يحد من صلاحياته. ويطالب المحققون أيضا بإقالة القادة العسكريين، وكذلك وكما فعلوا في تقريرهم المرحلي السابق في نهاية اغسطس، بملاحقة قائد الجيش مينغ أونغ هلاينغ وخمسة ضباط آخرين بتهم «إبادة» و«جرائم ضد الانسانية» و«جرائم حرب». ضحايا وشهود وسبق أن استجوبت بعثة الأممالمتحدة التي لم يسمح لها بالتوجه إلى بورما أكثر من 850 من الضحايا والشهود، واستخدمت صورا التقطتها الأقمار الاصطناعية. وأورد التقرير سلسلة طويلة من التجاوزات التي ارتكبت ضد الروهينغا، من بينها «اغتيالات» و«حالات اختفاء» و«تعذيب» و«اعمال عنف جنسية» و«عمل قسري». دور انتقائي إلى ذلك، قال أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الرياض، د. عبدالله العساف: إنه وبالرغم من تصنيف الأممالمتحدة للروهينغا بأنها من الأقليات الأكثر اضطهادا في العالم، إلا أن المنظمة الأممية ومن يسيرها انتقائية، وليست محايدة بحيث تكون موجهة لخدمة الجميع، فالحكومة البورمية أطلقت يد الجيش لفعل ما يريد، دون وازع من ضمير أو إحساس، شجعها التخاذل الدولي تجاه أعمالها غير الإنسانية. جهود المملكة ونوه د. العساف بالجهود التي بذلتها المملكة في قضية الروهينغا، حيث كانت من أوائل الدول التي ساندت الروهينغا في المحافل الدولية، وفي مجلس حقوق الانسان، وقدمت لهم الدعم المادي والبرامج التأهيلية الصحية والتعليمية، كما استضافتهم على أراضيها منذ عام 1948، بالإضافة إلى تواصلها مع الأممالمتحدة والدول الفاعلة لاحتواء هذه الأزمة وحلها. مملكة الإنسانية وفي السياق، قال الخبير الاستراتيجي د. أحمد الشهري إن حكومة ميانمار وجيشها العنصري بعد أن قتلوا مئات الآلاف من مسلمي الروهينغا، وهجروا الملايين إلى دول الجوار، وغرق وموت الآلاف منهم أثناء رحلة الفرار المحفوفة بالقتل والتعذيب دون رادع، أو شعور إنساني، أو حتى احترام لقانون، كل هذا على مرأى ومسمع من الأممالمتحدة، التي شهدت تسليم رئيسة ميانمار، أون سان سو تشي، المشرفة على هذه المذابح التي تعد وصمة عار في جبين الإنسانية، جائزة نوبل للسلام مكافأة على اضطهاد مسلمي الروهينغا البالغ عددهم 10% من عدد سكان البلاد البالغ عددهم 50 مليون نسمة، والذين تعرضوا لأبشع حرب عنصرية عرقية في القرن الحالي، ومع ذلك لم نسمع صوتا أو موقفا ينتصر لهذا الشعب المكلوم إلا مملكة الإنسانية التي فزعت لنجدتهم سياسيا وماديا عن طريق تسيير جسر جوي عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والذي كان له الدور البارز في تخفيف ورفع المعاناة عن الروهينغا، وايصال معاناتهم للمحافل الدولية. تحرك متأخر وأضاف د. الشهري: لقد جاء صوت الأممالمتحدة متأخرا، ليطالب حكومة ميانمار بتحييد الجيش عن الحياة السياسية، ويبعده عن ممارسة البطش العرقي العنصري وهو قرار لا يملك صفة الإلزام، وغير مدعوم بقرار ملزم بعقوبات أو تدخل عسكري في حال لم يتم السماح بعودة المهجرين، والكف عن القتل والتعذيب للشعب الروهينغي المسلم. وأبان: هذا النداء الأممي ليس غريبا أن يأتي في الوقت الضائع، فلم يعرف عن الأممالمتحدة أنها قدمت حلا لأي أزمة من الأزمات العالمية، بل على العكس ومع الأسف تتدخل فتصبح جزءا من المشكلة لا جزءا من الحل، كما هو تدخلها في سوريا واليمن وليبيا وبقية الأزمات، وهذا يعكس ضعف هذه المنظمة وخضوعها لأجندات الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وتكبيل قرارات المجلس بالفيتو الذي كرس الفردية في القرار ولم يفرز حلولا منذ انشاء هذه المنظمة الأمر الذي يجعل الوقت قد حان لإصلاحها وإعادة هيكلتها لتكون منظمة فاعلة ذات صلاحيات واسعة بعيدة عن محاصصة ست دول كبرى فحسب.