كلمة صغيرة ولكنها كبيرة في معناها وألمها وواقعها المرير ولا يعلم ذلك إلا من ذاق مرارتها وعاش سنواتها. 100 عام مرت على سنة عجاف فاجعة لا يتذكرها جيلنا الحالي... 100 عام مرت على فاجعة مرت بأهالي وسط الجزيرة العربية، حيث عم الجدب والقحط وقلت الأرزاق وجفاف أوراق الشجر وظمأت الحيوانات واشتكت الأرض إلى خالقها بسبب قلة الماء والأمطار، وانتشرت المجاعة وهلك الناس حتى أكلت الجيف والجلود والعظام وطبخت المخلفات والقمامة والزبائل ودار الأطفال والناس في الشوارع والطرقات بحثا عن تمرة يمتصونها لتخفف عنهم الجوع حتى صنفت تلك المنطقة الأكثر جوعا في العالم... هذه الروايات ما تم نقلها من أجدادنا ورجال العلم والأدب والتاريخ عن الماضي الذي لا ينكر ولا ينسى حتى تخلى البعض عن أبنائه للبحث لهم عن لقمة العيش. لا نريد أن نذكر تلك المآسي ونقلب الأوجاع ونبكي على الأطلال، فاليوم نشاهد ما هو أشد وأفظع من ذلك وهو العكس في إهدار الطعام من الجوع إلى الترف وحلت سنوات الرخاء والعز وعم الخير، ولكن اليوم وللأسف الشديد نتصدر الدول الأكثر إهدارا للطعام وذلك بموجب إحصائيات رسمية أعلنت عنها وزارة الزراعة والتي تقدر نحو ثلث الغذاء بالمملكة يهدر، ودراسات أخرى تؤكد أن نحو 90% من الأطعمة التي تقدم في الأفراح والمناسبات لا يستفاد منها، فقط هي للتباهي والفخر حتى أصبحنا نستورد 90% من احتياجاتنا للغذاء ويهدر منها 30% هذه الإحصائيات المؤلمة. الجميع يشاهد بعينه الحروب والأمراض ونقص الموارد وخاصة في تلك الأيام، ونرى المجاعات بين الدول والحروب الفتاكة التي تأكل الأخضر واليابس فلا ننتظر أن تدور الدائرة علينا مرة أخرى من جوع وفقر ليذكرنا بما مضى قبل 100 عام جدا أليم. لذا علينا أن نحافظ على هذه النعمة الغالية التي يفتقدها مليارات البشر على وجه هذه الأرض، ولتكن هناك رؤية كرؤية 2030 بأن نحارب ذلك الترف والإهدار بجميع فئاته والممارسات السلبية في التعامل مع فائض الطعام، والاستفادة منه ونشر ثقافة شكر النعم وترشيد استخدامها لتبقى لأجيالنا القادمة وتوعية المجتمع بأهمية حفظ الطعام وأخذ العبرة من عام الجوع الذي مر عليه 100 عام.