بدا المرشح الجمهوري للبيت الابيض ميت رومني هادئا ومصمما ومقدما اداء جيدا اتسم بالهجومية في مواجهة الرئيس المنتهية ولايته باراك اوباما الذي تتوقع استطلاعات الرأي فوزه قبل خمسة أسابيع من الانتخابات الرئاسية. وعمد رومني الذي كان بحاجة ماسة الى الخروج من المناظرة في موقع قوة لتخطي تخلفه في استطلاعات الرأي، الى مهاجمة الرئيس منذ بدء المناظرة مستهدفا سياساته الاقتصادية التي «سحقت» الطبقة الوسطى الامريكية على حد قوله. وواصل رومني نهجه الهجومي طوال المناظرة التي استمرت تسعين دقيقة وبدا اكثر ارتياحا في هذا النوع من المبادلات فيما بدا اوباما في بعض الاحيان عصبيا يسعى الى تفادي المواجهة المباشرة وفي احيان اخرى غير مهيأ بشكل جيد. من جهته ختم أوباما وهو يبتسم «قلت قبل اربع سنوات انني لست رجلا مثاليا وانني لن أكون رئيسا مثاليا وهذا هو الوعد الذي يعتقد الحاكم رومني انني وفيت به» وتابع «لكنني وعدت ايضا بأنني سوف اناضل كل يوم من اجل الشعب الامريكي .. وقد وفيت بهذا الوعد واذا ما انتخبتموني فسوف اواصل نضالي هذا خلال ولايتي الثانية». وانتقد اوباما بدوره عدم اعلان رومني عن معطيات محددة فيما تبادل الخصمان الاتهامات بشأن الضرائب واصلاح نظام الضمان الصحي. وقال رومني معلقا على برنامج اوباما «ان الرئيس لديه رؤية مشابهة كثيرا لتلك التي عرضها حين ترشح قبل اربع سنوات: رؤية لحكومة اكبر حجما مع المزيد من النفقات والمزيد من الضرائب والمزيد من الضوابط». وتابع «هذا ليس الرد المناسب لامريكا. سوف اعيد لامريكا الحيوية التي تعيدها الى العمل». ورد اوباما مؤكدا ان رومني سيقر تخفيضات ضريبية بقيمة 5,4 تريليون دولار يستفيد منها بصورة خاصة الاكثر ثراء ومتهما خصمه بعدم تحديد الثغرات في النظام الضريبي التي يعتزم سدها. وقال «ان الحاكم رومني لديه نظرة تقول انه ان خفضنا الضرائب عن الاثرياء وخفضنا الضوابط، سوف نكون افضل حالا. اما انا، فلدي نظرة مختلفة» داعيا الى «الوطنية الاقتصادية». وتحدى رومني اوباما قائلا ان «كل ما قاله عمليا عن خطتي الضريبية غير دقيق» مؤكدا ان الاقتصاد «عانى» بسبب «الافراط في فرض ضوابط». واكد رومني ان الاقتصاد الامريكي سلك «طريقا غير مثمرة» منذ بدء رئاسة اوباما في يناير 2009، مؤكدا ان الطبقة الوسطى «سحقت» في تذكير بهفوة ارتكبها نائب الرئيس جو بايدن وسارع الجمهوريون الى استغلالها. غير انه لفت بصورة خاصة الى ان الارقام تعبر بنظره عن سوء اداء الرئيس المنتهية ولايته على الصعيد الاقتصادي خصوصا في ما يتعلق بالعجز في الميزانية الذي لم ينخفض عن الف مليار دولار بالرغم من وعود اوباما بتخفيضه الى النصف. ورد اوباما «حين وصلت الى المكتب البيضاوي، كان ينتظرني عجز يفوق الف مليار دولار وكنا نعلم من اين اتى» ولم يذكر سلفه جورج بوش غير انه اشار الى «حربين تم دفع نفقاتهما بواسطة قروض ومجموعتين من التخفيضات الضريبية التي لم تكن ممولة». ودار سجال ايضا حول مسألة الضمان الصحي خلال المناظرة التي حضرتها في الصف الامامي زوجتا المرشحين ميشال اوباما وآن رومني. واكد رومني مرة جديدة عزمه على الغاء الاصلاح الذي اقره الرئيس الديمقراطي عام 2010 فرد اوباما «من السخرية اننا رأينا هذا النموذج يعمل بشكل فاعل جدا في ماساتشوستس» في اشارة الى اصلاح مماثل اقره رومني في ولايته حين كان محافظا لها. وختم المرشح الجمهوري «اذا ما اعيد انتخاب الرئيس .. عليكم ان تعتادوا على بطالة مزمنة»، مغتنما هذا المنبر المتاح له من اجل تعزيز حظوظه بعدما لم ينجح ترشيحه رسميا في المؤتمر الوطني الجمهوري ولا اختياره لمرشحه لنيابة الرئاسة بول راين في تحقيق ذلك. من جهته ختم اوباما وهو يبتسم «قلت قبل اربع سنوات انني لست رجلا مثاليا وانني لن اكون رئيسا مثاليا، وهذا هو الوعد الذي يعتقد الحاكم رومني انني وفيت به». وتابع «لكنني وعدت ايضا بانني سوف اناضل كل يوم من اجل الشعب الامريكي .. وقد وفيت بهذا الوعد واذا ما انتخبتموني فسوف اواصل نضالي هذا خلال ولايتي الثانية». وانطلقت المناظرة بنبرة اكثر خفة فلفت اوباما الى انه يحتفل الاربعاء مع زوجته ميشال بالذكرى العشرين لزواجهما فهنأهما رومني واكد ممازحا انه «المكان الاكثر رومنسية، هنا برفقتي» لهذه المناسبة. وبالرغم من الاضطرابات في الشرق الاوسط تركزت المناظرة حصرا على المسائل الاقتصادية على ان تخصص المناظرة الثالثة في نهاية الشهر لمسائل السياسة الخارجية. وكان من المتوقع ان يواجه رومني هجوما خلال المناظرة بشأن شريط الفيديو الذي تم تسريبه ويتهم فيه «47% من الامريكيين» بانهم «يعتقدون انهم ضحايا» مؤكدا انهم «لا يهمونه»، وبشأن الترتيبات الضريبية التي تحظى بها شركاته في الخارج وفق نظام معقد والتي يقول الديمقراطيون انها تمكنه من التهرب من دفع ضرائب. غير ان اوباما لم يأت على ذكر هاتين المسألتين كما انه لم يذكر شركة باين كابيتال التي ساهم رومني في تأسيسها ومكنته من جمع ثروة طائلة غير ان اسلوبها في تعاطي الاعمال هو موضع جدل. وتشير الكثير من استطلاعات الرأي الوطنية التي نشرت نتائجها قبل المناظرة الى اشتداد المنافسة بين المرشحين مع تقدم لاوباما ببضع نقاط. اما الولايات المترددة التي ستلعب دورا حاسما في الانتخابات، فهي تعطي الرئيس تقدما واضحا على خصمه. واظهر استطلاع اجرته شبكة سي ان ان ونشرت نتائجه بعد ساعة من المناظرة ان حاكم ماساتشوستس السابق خرج منتصرا من المناظرة بنظر 67% من المستطلعين، فيما اعتبر 25% منهم ان الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته هو الذي كان الاقوى في المواجهة التي جرت في دنفر بولاية كولورادو (غرب). كما اعطى تحقيق اجرته شبكة سي بي اس التفوق لرومني. وقال تيري مادونا من معهد فرانكلين اند مارشال الذي يتابع المناظرات التلفزيونية الرئاسية منذ العام 1960 «لا اعتقد ان هناك ادنى شك .. بان رومني تفوق» موضحا انه «كان اكثر حيوية بدون ان يكون استفزازيا او عدائيا». وفي المقابل قال كلايد ويلكوكس استاذ العلوم السياسية في جامعة جورجتاون ان اوباما الذي اختلى يومين للاستعداد للمناظرة بدا «مستاء بعض الشيء ولم يظهر على اتم الاستعداد، لم يهاجم رومني بشكل قوي». وعلى سبيل المثال يشير ويلكوكس الى ان اوباما لم يذكر مرة شريط الفيديو الشهير الذي تم تسريبه واثار فضيحة اذ ظهر فيه رومني ينتقد 47% من الأمريكيين باعتبارهم «يعتقدون انهم ضحايا» ويقول ان «هؤلاء ال 47% لا يهمونني»، بعدما ركز الديمقراطيون الكثير من اعلاناتهم حول هذه المسألة.