يستمر أي نقاش ويهيمن على الطيف الاستراتيجي في آسيا، بقدر ما يتعلق بمسألة نزع الاسلحة النووية لكوريا الشمالية. وتقول صحيفة «الاندبندنت»: قد يكون الاجتماع الذي عقد في سنغافورة بين الرئيس الامريكي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج اون، زاد من احتمالات السلام في شبه الجزيرة الكورية، ولكن سيكون هناك الكثير من التجارب المقبلة مع إعادة رسم المشهد العسكري والاستراتيجي في قارة آسيا. حتى قضية نزع السلاح النووي نفسها كانت مثيرة للجدل منذ فترة طويلة في المنطقة، وعلى الرغم من تحسن العلاقات بين ترامب وكيم، سيواصل الامريكيون والكوريون الشماليون الاختلاف حول هذه العملية وتعريف كلمة «بالكامل». وأشارت صحيفة «الاندبندنت» فى تقرير لها، إلى أن الصين ستدعم الطريقة المرحلية التي تفضلها بيونج يانج في التخلص من سلاحها النووي، في حين ستدعم اليابان الطلب الامريكي بالتفكيك الكامل والقابل للتحقق، الذي لارجعة فيه. أما بالنسبة لكوريا الجنوبية، وبعد سوء الفهم الاخير بشأن مناوراتها العسكرية المشتركة مع الولاياتالمتحدة، فمن المحتمل ان تخضع لأوقات صعبة ومتوترة وعليها ان تجد توازنا تكتيكيا بين جميع هؤلاء اللاعبين المهمين في شمال شرق آسيا. وبعد قمة سنغافورة، سوف تتبع هذه الاطراف قيادة الولاياتالمتحدة التي تبدل موقفها بشكل مذهل، من السعي لعزل كوريا الشمالية والعمل على انهيار نظام حكمها، الى تبادل الزيارات الدبلوماسية وعقد قمة على أعلى مستوى بين البلدين. وبرز السيناريو المعاكس بسرعة، فقادة العالم يرغبون في الانخراط بأسرع ما يمكن في علاقات ولقاءات مع حكومة بيونج يانج. ويظهر ذلك اجتماعات الزعيم الكوري الشمالي مع الرئيس الصيني شى جين بينج والرئيس الكوري الجنوبي مون جاى إن، وقمة سنغافورة مع ترامب، كما دعا كبير الدبلوماسية الروسية سيرجي لافروف كيم جونج اون لزيارة روسيا ولقاء الرئيس فلاديمير بوتين. وبعد هذه اللقاءات، التي تمت في غضون شهر ونصف الشهر فقط، أشارت سنغافورة التي احتضنت القمة التاريخية بين ترامب وكيم، الى ان العالم ككل بات اكثر تقبلا للتفاعل مع كوريا الشمالية بعقل منفتح. وبدا جميع جيران كوريا الشمالية منفتحين لإزالة العقوبات، التي تفرضها الاممالمتحدة اذا قامت بيونج يانج بتفكيك مواقعها النووية ومخزوناتها بالكامل، ولعل كوريا الشمالية تغتنم هذه الفرصة. ان مثل هذه الديناميكية المتقنة تجعل للوقت أهمية شديدة، وبالنسبة للقوى الفاعلة غير الحاسمة مثل الهند، التي كانت منشغلة ومازالت بما تسميه مشاركة كوريا الشمالية في تطوير الأسلحة النووية في باكستان. ومع بعدها الجغرافي النسبي وأقصائها عن الحصول على مقعد دائم في مجلس الامن، لم تشارك الهند في الحرب التي توقفت بهدنة عام 1953، ولا في السياسات الكورية منذ الخمسينيات من القرن الماضي. ولم تكن الهند عضوا في المحادثات السداسية المعنية بحل الازمة النووية الايرانية، التي انتهت بتوقيع الصفقة النووية في عام 2015 والتي انسحب منها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا. لقد رأى قادة الهند السابقون ضرورة اقامة علاقات جديدة مع الكوريتين، واذا كان رئيس الوزراء الحالي، ناريندرا مودي، قادرا على تحويل التطلعات الى افعال، فستكون هذ فرصة مناسبة للانخراط. والهند لم تكن دائما مراقبا سلبيا للأمور التي تجري في الشرق الأقصى، فقد كانت ذات يوم قوة رئيسة في الممر الكوري، وعضوا رئيسا في لجان الأممالمتحدة التسع، التي شكلت لإجراء انتخابات في كوريا بعد الاستقلال عام 1945. ويوافق يوم استقلال الهند نفس تاريخ استقلال كوريا الجنوبية، كما رعت نيودلهي مفاوضات عقد الهدنة بين الكوريتين التي اسفرت عن وقف اطلاق النار فى 27 يوليو 1953. وكانت زيارة وزير الخارجية الهندي في كيه سينج، إلى كوريا الشمالية الشهر الماضي مفاجئة وغير متوقعة، لكنها خطوة طويلة في الاتجاه الصحيح.