للعيد في حياة البشر أهميّة عظيمة، إذ إنّ آثاره النفسيّة تمتد على الأفراد والمجتمعات، فالاحتفال بالأعياد من مقومات السعادة المجتمعيّة للشعوب والأمم، بما يحقق رسالة العيد وغاياته، لذا فللعيد مكانته، وقدسيته، وبهجته، فهو من مظاهر الحضارة الإنسانيّة التي دعا إليها ربنا -جل وعلا- وديننا منذ الف واربعمائة عام، وفيه تتجلى معاني الكرامة والرفعة الإنسانيّة، لذلك حثّ الإسلام على الاحتفاء بالعيد، وحرّم صيام يوم العيد حرصاً على الإبقاء على البهجة والسرور، والتخفيف المشروع عن النفس، فلذة العيد والاحتفاء به لا تقارن بأي مناسبة أخرى ففضلا عن مشاعر الفرح بأن منّ الله علينا بصيام شهر رمضان المبارك والمشاعر الروحانية التي أحسسنا بها طيلة هذا الشهر وأن العيد يأتي بعده تتويجا لهذه المشاعر إلا انه إضافة لذلك فإن العيد فيه الكثير من مظاهر التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، من خلال تبادل الزيارات وتهاني العيد التي تعدُّ سمة من سماته، وتقوية العلاقات الاجتماعيّة وتوثيق الأواصر فيما بينهم وتعميق الانتماء للأمة وزيادة الشعور بالوحدة حيث يشارك كل مسلم أخاه في هذه المناسبة السعيدة، فالمسلمون أمة واحدة تجمعهم الأفراح، وتوثق بينهم الصلات، وإن تفرقت بلدانهم، واختلفت أوطانهم، فالمسلم في الشرق شعوره يوم العيد ذات الشعور الذي يجده مسلم الغرب، فالتواصل الاجتماعي هو ثمرة قويّة من ثمار العيد، لتحقيق الطمأنينة لدى الأفراد، ونشر السعادة، والراحة النفسيَّة، وتفقد الأسر المحتاجة وجمع صف المجتمع، وتماسكه، وقوته، وذلك من خلال المظاهر الجماهيريَّة العامّة للاحتفال به سواء في الأماكن والساحات العامَّة أو بين الزيارات العائلية، حيث يلتقي معظم أفراد المجتمع من لمّ شمل الأقارب والأحباب والجيران ولا سيّما من فرقتهم ظروف الحياة ومشاغلها المختلفة. وعشنا سنن العيد الفاضلة التي كان رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يؤديها، مثل البدء بالتكبير بعد غروب شمس آخر أيام شهر رمضان المبارك، والاستمرار بالتكبير حتى إقامة صلاة عيد الفطر، بالإضافة إلى الاغتسال والتطيب، وأن يكون المسلم في أجمل هيئة وأن يُظهر الفرح وأن يلبس أجمل ما لديه من ثياب. ومن السنن المفيدة اجتماعياً ونفسياً وجسدياً، يكون الذهاب إلى الصلاة سيراً على الأقدام إذا كان بالإمكان، وأن يسلم المسلم على كل من يراه في طريقه ويبتسم في وجهه ويبادر بتهنئته بالعيد، وهذه واحدة من روائع العيد. عيد الفطر يومٌ عظيم، له قدسية خاصة تتجلى فيه الروحانيات والمشاعر بين جميع أفراد المجتمع وبين المسلمين بعضهم البعض، ففرحة المؤمنين بقدوم العيد لا تضاهيها فرحة أخرى، فالحمد لله على هذه النعمة والتي أسأل الله أن يديمها على مملكتنا وأمتنا الإسلامية أعواما عديدة وأزمنة مجيدة.