حرصت المملكة منذ عقود من الزمن على مضاعفة الطاقة الاستيعابية للمطاف للزيادة المطردة في أعداد الحجاج والمعتمرين، وتماشيا مع التوسعات المتتالية للمسجد الحرام في عهد ملوك المملكة، وذلك تسهيلا للطائفين ومنعا للازدحام والاختناقات في أوقات الذروة في موسمي الحج والعمرة في شهر رمضان المبارك. وقال ل«اليوم» الباحث المتخصص في تاريخ مكةالمكرمة منصور الدعجاني: «التوسعات السعودية الثلاث للمسجد الحرام ضاعفت استيعاب المطاف لأعداد الطائفين، وخلال العصور الماضية كان المطاف محدودا، وكانت الترميمات والإصلاحات تتم في هذه المساحة المفروشة بالحجارة والرخام والمحيطة بالكعبة المشرفة، حيث إن أول من فرش المطاف بالحجارة عبدالله بن الزبير رضي الله عنه بعد أن فرغ من بناء الكعبة وبقيت بقية من الحجارة ففرش بها المطاف حول الكعبة، وخلال التوسعة السعودية الأولى في عهد الملك سعود -رحمه الله - في سنة 1377ه كانت التوسعة الأولى للمطاف وذلك بعد إزالة المقامات الأربعة ما عدا مقام الشافعي لكونه فوق بيت بئر زمزم والذي أزيل بعد ذلك في سنة 1383ه، وتم عمل قبو لبئر زمزم في الجهة الشرقية من المسجد الحرام وتعتبر هذه هي التوسعة الأولى للمطاف وبذلك أصبح يستوعب المطاف 14 ألف شخص دفعة واحدة». وأضاف «الدعجاني»: «في عهد الملك فيصل يرحمه الله في سنة 1387ه أزيلت الزوائد الموجودة حول مقام إبراهيم ووضع المقام داخل غطاء من الكريستال البلوري وله قاعدة رخامية تشغل مساحة 180x130سم، حيث وفر بذلك مساحة 66,15م2 للطائفين، وخلال المرحلة الأخيرة من التوسعة السعودية الأولى في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز يرحمه الله في سنة 1399ه كانت التوسعة الثانية للمطاف، بعد أن ألغيت الحصاوي والمشايات وتمت إزالة عقد باب بني شيبة ونقل مدخل قبو بئر زمزم من موقعه إلى موقع أبعد للاستفادة من المساحة التي يشغلها مدخل البئر في محيط المطاف وتم تسقيف المساحة التي يشغلها المدخل السابق بمستوى صحن المطاف، وتم تبليط أرض المطاف كاملا بالرخام الأبيض لأول مرة فأصبح المطاف يشغل كامل صحن المسجد الحرام، فزادت بذلك مساحة المطاف من 4150م2 إلى 7119م2، فأصبح يستوعب 28 ألف شخص دفعة واحدة بمقدار الضعف بعد أن كان يستوعب 14 ألف شخص». وتابع «الدعجاني»: «في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز -يرحمه الله- في التوسعة السعودية الثانية والتي بدأت سنة 1409ه والتي كانت عبارة عن إضافة جزء جديد إلى مبنى التوسعة السعودية الأولى وسبق ذلك تحسين سطح التوسعة السعودية الأولى وعمل السلالم الكهربائية، وفي عام 1424ه تمت تغطية مداخل قبو زمزم للاستفادة القصوى من صحن المطاف وتسهيل حركة الطواف حول الكعبة، وتم أيضا مد بلاطة الدور الأول ودور السطح في المسجد الحرام في مواقع محددة، حيث أدت هذه الأعمال إلى زيادة صحن المطاف بمقدار 400 متر مربع واستيعاب عدد أكبر من الطائفين ليبلغ عدد استيعاب المطاف وملحقاته 48 ألف طائف في الساعة». وقال «الدعجاني»: «استمرارا للجهود التي يبذلها ملوك المملكة العربية السعودية في خدمة المسجد الحرام وعمارته والعناية به جاءت أكبر توسعة وعمارة للمسجد الحرام على مدى العصور وهي توسعة وعمارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله (مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة المطاف والعناصر المرتبطة به)، ويقوم هذا المشروع على رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف ليستوعب 105 آلاف طائف في الساعة بدلا من 48 ألف طائف في الساعة، وذلك بإزالة مبنى الحرم القديم ومبنى التوسعة السعودية الأولى وإدخالها ضمن مساحة المطاف وقد وضع حجر الأساس لهذا المشروع في رمضان 1432ه، ولتعويض انخفاض الطاقة الاستيعابية للمطاف من 48 ألفا إلى 22 ألفا أثناء أعمال الفك والإزالة والبناء في هذا المشروع تم تنفيذ المطاف المؤقت الذي رفع الطاقة الاستيعابية إلى 35 ألف طائف في الساعة، وذلك حفاظا على عدم انقطاع شعيرة الطواف أثناء تنفيذ المشروع، واستمر العمل في هذا المشروع إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- يحفظه الله - وهو حاليا في مراحله الأخيرة، وحرصا من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للتسهيل على المعتمرين وجه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة في رمضان سنة 1438ه بإخلاء صحن المطاف من المصلين في شهر رمضان المبارك وتخصيصه فقط للمعتمرين تسهيلا للمعتمرين ولتوفر أماكن للصلاة بعد التوسعة السعودية الثالثة والتي أصبحت تستوعب مليوني مصلٍ في وقت واحد».