� في عصر الرؤية والتحوّلات الإستراتيجية، لن يكون من قبيل المبالغة أن يسجل التاريخ أن عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز هو عهد الإصلاح الأكبر والأشمل والمتنوّع في تاريخنا السعودي الحديث.. قياسًا بحجمه ومنجزاته وتأثيراته العميقة محليًا وخارجيًا. � مخطئ مَن يظن أن الإصلاح مجرد شعار وقتي متجمّد عند اللحظة، ولكنه عملية مستمرة ومتواصلة لتحقيق الفاعلية في الأداء العام بدءًا بالمدخلات، وليس انتهاءً بالمخرجات. � ومخطئ مَن يظن أن قرارات الساعات الأخيرة، مجرد تغيير لأشخاص، أو إحلال وتبديل في مناصب بعينها أو استحداث مؤسساتٍ ما، القراءة الموضوعية للسياق القيادي العام لدى خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده، ترسّخ اليقين بأن إصلاح هيكل الدولة بما يُسرّع وتيرة أداء مؤسساتها، وتحريرها من البيروقراطية والجمود، عبر الاستفادة من الكفاءات الشابة المؤهّلة، واستثمار الخبرات المتراكمة لرفع المستوى من أجل تركيز تنفيذي حكومي متميّز يُنهي مرحلة التشعّب والتضارب. � لذا كانت قرارات إلغاء أجهزة وإنشاء واستحداث أخرى، خطوة لتفعيل العمل الحكومي، ومواجهة كل المعوقات التي تعرقل الأداء التنفيذي في كل قطاعاته الخدمية والتطويرية.. بالتزامن مع تدشين مشاركة الشباب في المسؤولية لإيجاد صف ثانٍ وثالث، رفيع المستوى ومؤهّل ومستعد لحمل الأمانة في أي لحظة، وهو ما تجلّى في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث إن 90 بالمائة من الوزارات السعودية عام 2015 لم يكن بها نواب مثلًا، عكس الواقع الراهن الآن من خلال فتح المجال لسلاسل قيادية متعاقبة من النواب والمساعدين، وعلى درجة عالية من الكفاءة والاحترافية والجدارة.. وهو أمرٌ يُراكم فعليًا لا نظريًا كل خطط السير نحو رؤية 2030 الإستراتيجية. � وإذا كان من ضمن القرارات أيضًا، تخصيص وزارة ل«الثقافة» وفصلها عن «الإعلام»، فإننا أمام منعطف مستقبلي تنويري غاية في الأهمية، يُجذر مكامن الوعي السعودي، ويعادل بين التقليدية والحداثة، ويؤمن بمفهوم الثقافة كإضاءة بشرية وإنسانية تزيد الاجتهاد للتواصل بين الحضارات والأفكار، وتحرر العقول من الجمود والتحجر.. ويساعد في بناء شخصية سعودية حضارية جديرة بأن يتعرّف عليها العالم بموضوعية من خلال إشعاعها الفكري ومساهمتها الإنسانية، وليس عبر الصورة النمطية السلبية. � الملاحظة الأبرز في مجمل القرارات الإصلاحية، كانت تدعيم الثقة في رجال الأعمال والقطاع الخاص، وكأنها رسالة مقصودة وذات مغزى للداخل الخارج، ملخّصها أن الدولة وإن كانت تحارب الفساد وتسعى للإصلاح الهيكلي، فإنها تؤمن بمشاركة رجال أعمالها في خطط وأدوات تنميتها وإستراتيجياتها، وما إشراك قرابة 6 من وجوه الاقتصاد السعودي في العديد من مفاصل العمل الوزاري والحكومي، إلا تجديد للثقة في القطاع الخاص الوطني، وإيمانًا بخبراته وفعاليته سعيًا لإيجاد عقد اجتماعي من الشراكة لا المنافسة.. وهذه الأخيرة إحدى ركائز رؤيتنا الطموحة. � إننا لسنا أمام مجرد قرارات بعينها، ولكننا أمام طموح وطن يتجدد ويتألق كل يوم، يرافقه حلم قائد يجتهد من أجل تحقيق أمل مواطن بلا شكٍ سيحصد ثمار كل ذلك.