أفردت «الاندبندنت» تقريرا في صفحاتها الأولى، عن وحشية قوات الاحتلال الاسرائيلي، وقال المحرر المتخصص بشؤون الشرق الاوسط، روبرت فيسك: ان ارداء 60 شهيدا واصابة 2400 فلسطيني في يوم واحد، اكثر من نصفهم بنيران حية هو سقوط اخلاقي وعار على أي جيش يفعل بذلك. وتساءل فيسك: هل علينا ان نعتقد ان الجيش الاسرائيلي هو أحد الجيوش الطاهرة؟ لكن لدينا سؤالا آخر، اذا كان عدد الشهداء بلغ 60 في يوم واحد هذا الاسبوع، فماذا لو قتل 600 الاسبوع المقبل أو 6000 خلال الشهر؟ وأضاف: ان ذرائع اسرائيل القاتمة واستجابة امريكا الفجة تثير هذا التساؤل. وتابع فيسك -مستنكرا-: يمكننا الآن ان نقبل مجزرة بهذا الحجم، نعم نحن نعرف كل الأعذار، حماس فاسدة وكانت وراء المظاهرات، وارسل المتظاهرون الطائرات الورقية المشتعلة وألقوا الحجارة عبر الحدود، ولكن منذ متى كان إلقاء الحجارة جريمة في أي دولة متحضرة؟ نعم أخطأ والدا الطفلة ذات الثمانية اشهر، التي استشهدت من استنشاق الغاز عندما أتيا بها للحدود؛ اننا نشكو اذا سقط قتلى في أي مكان آخر، لكن بالنسبة للفلسطينيين لا.. يجب ان يكونوا دائما مذنبين. وواصلت «الاندبندنت»: الضحايا هم انفسهم الجناة، هذا ما تحمله الفلسطينيون طيلة 70 عاما؛ القي اللوم عليهم عندما نزحوا قبل سبعة عقود لأنهم اتبعوا تعليمات محطات الراديو بمغادرة منازلهم، حتى يطرد اليهود ويلقوا في البحر.. وبالطبع لم يكن البث الإذاعي موجودا أبدا!! ويقول فيسك: يجب ان نشكر المؤرخين الاسرائيليين الجدد الذين اثبتوا هذه الحقيقة، كانت البرامج الاذاعية خرافة ومجرد اسطورة تشكل جزءا من التاريخ التأسيسي لاسرائيل، حتى يضمنوا ان تأسيسها لم يكن على انقاض منازل الآخرين.. لقد كانت ارضا بلا شعب. ومن المذهل عندما تعد وسائل الإعلام تقاريرها عن احداث غزة، ان تتبع نفس الاسلوب القديم الجبان، فقد وصفت قناة CNN عمليات القتل الاسرائيلية بأنها «قمع»، فيما يشير العديد من الوسائل الإعلامية الى نزوح الفلسطينيين منذ النكبة قبل 70 عاما كما لو كانوا في عطلة؛ مع فرق بسيط أنهم لا يستطيعون العودة لمنازلهم مرة أخرى. وتواصل الصحيفة: يجب ان يكون استخدام المصطلحات واضحا، ان ما حدث للفلسطينيين منذ 70 عاما هو نزع للملكية، وهو ما زال يحدث في الضفة حتى الآن، فهناك كثيرون يؤيدون استمرار بناء المستوطنات غير الشرعية، التي شيدت على الاراضي المنتزعة من العرب المالكين الشرعيين لها والذين يعيشون عليها منذ اجيال. وهكذا وصلنا إلى الأحداث المشؤومة، حمام الدم المتزامن في غزة وافتتاح السفارة الأمريكية الجديدة في القدس، وقد كذبت اذني -الحديث للمحرر فيسك- عندما اعلن نتنياهو انه يوم عظيم للسلام، هل حقا قال هذه الكلمات؟! للأسف قالها. ويقول روبرت فيسك: كتب مايكل جولدبرج افضل تقرير ب«نيويورك تايمز»، وربط فيه بين احداث غزة وافتتاح السفارة في القدس، مشيرا الى ان ذلك هو نتاج للتحالف بين اليهود المتشددين والانجيليين الصهاينة، الذين يؤمنون بأن عودة اليهود لإسرائيل ستؤدي لنهاية العالم وبالتالي عودة المسيح، ويتابع المحرر في مقاله ب«الاندبندنت»: واشار جولدبرج الى الاستعانة بروبرت جيفرس، لتقديم الصلاة في حفل الافتتاح وهو قس انجيلى متشدد من دالاس، بجانب جون هاجي، الانجيلى الذى قال ذات مرة: إن هتلر أرسله الله ليقود اليهود إلى موطن أجدادهم. ويختم فيسك: نادرا ما نجد شعبا بأكمله يعامل على انه ليس بشرا كما يعامل الفلسطينيون الآن، ومن المفارقات المثيرة أن هناك سكانا من غزة طرد أجدادهم من منازلهم، بالضبط في مدينة سديروت، ولا يزال بإمكانهم رؤية أراضيهم.. وعندما ترى أرضك، فأنك سترغب بالعودة إليها والى منزلك.