منذ أن صدر قرار مجلس الوزراء رقم (224) بتاريخ 17/8/1424ه القاضي بتوسيع مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون المحلية، من خلال تفعيل المجالس البلدية ودعمها، وإثر صدور نظام المجالس البلدية بالمرسوم الملكي (م/61) وتاريخ 4/10/1435ه، واللائحة التنفيذية لنظام المجالس البلدية الصادرة من معالي وزير الشؤون البلدية والقروية في 25/2/1437ه، انطلقت مسيرة المجالس البلدية اتساقا مع توجه الدولة نحو توسيع ودعم المشاركة الشعبية وتعزيز عملية التنمية من خلال تبني أسلوب ونهج الإدارة المحلية، وزاد في فعالية تأثيرها اعتبار المجالس البلدية ذات شخصية اعتبارية واستقلال مالي واداري يرتبط تنظيميا بالوزير، إلا أن الممارسة الواقعية والفعلية للمجالس أظهرت بروز العديد من التحديات والمعوقات، والتي من أهمها وجود الخلط في بعض المهام التي تمارسها بعض المجالس البلدية، وعدم تركيز المجالس على الجوانب التقريرية والرقابية والتي يكفلها نظام المجالس ولوائحه التنفيذية، واتجاهها اكثر نحو التوعية والتثقيف المجتمعي وتبني حملات التوعية البيئية وغيرها؛ مما أدى لظهور عناوين مثل الشراكة أو التوأمة مع الجهاز التنفيذي البلدي، ورغم ان مثل هذه الحملات والشراكات المجتمعية تعزز من مسيرة العمل البلدي وتطوره وتسهم في الحفاظ على المرافق والخدمات العامة، إلا أن معظم هذه الأعمال هي نشاطات من صميم اختصاصات البلديات والأمانات حسب نظام البلديات والقرى، ودور المجالس البلدية هو ممارسة السلطات الرقابية على تلك النشاطات بما يكفل لها النظام بذلك من خلال الاطلاع على سير المشروعات، وتحصيل الإيرادات، واتباع الطرق والإجراءات المطلوبة في اعتماد المخططات، واستقبال شكاوى المواطنين، وإقرار الخطط والبرامج البلدية ومشروعات التشغيل والصيانة والمشروعات التطويرية والاستثمارية وإقرار مشروع ميزانية البلدية وفقا للإجراءات وإقرار الحساب الختامي.. ما يؤيد هذا الطرح، نتائج دراسة محكمة قام بها معهد الإدارة العامة بالرياض، في رجب 1436، على أربعين مجلسا بلديا تم اختيارها كعينة من أعضاء مجالس الأمانات والبلديات في مختلف مناطق المملكة، وشارك فيها 1068 عضوا بلديا، إذ أوضحت نسبة كبيرة من عينة البحث أن عضو المجلس لا يمارس دوره الرقابي على الكثير من نشاطات الجهاز البلدي من أهمها مصروفات البلدية بنسبة (57.7%) وتحصيل الايرادات بالنسبة ذاتها، وبيع الاراضي الحكومية بنسبة (67.9%) واستحصال قيمة الاراضي الحكومية بنسبة (73.7%)، كما بينت نتائج البحث أن تحسين مستوى التنسيق بين الجهاز البلدي والمجلس البلدي مهم جدا لتحسين وتطوير اداء المجلس البلدي بنسبة 84.6%، وتبعا لذلك أكدت توصيات الدراسة على ضرورة تكثيف وزيادة التدريب المتخصص والتأهيل لعضو المجلس البلدي؛ لتمكينه من أداء الدور المناط به.. وتحسين مستوى التنسيق بين المجالس والبلديات، ووضع معايير لقياس أداء المجالس البلدية. إن الشراكة المطلوبة هي الشراكة المجتمعية التي تشرك المواطنين في تحسين الخدمات وتطويرها عن طريق استطلاع آرائهم، وإقامة جلسات الحوار واللقاءات وورش العمل والزيارات الميدانية لبلداتهم وقراهم وانشاء قنوات مفتوحة للاتصال معهم بشتى الطرق والوسائل، وتخصيص ساعات وأيام معينة لاستقبال المواطنين والتواصل معهم.. والخروج من ذلك ببرامج عمل ضمن رؤية استراتيجية وخطة تشغيلية تستجيب للمتطلبات وتعزز كفاءة الخدمات البلدية. إن قيام المجالس البلدية بدورها الأساسي والمناط بها وحسب الوسائل المتبعة التي كفلها النظام وذلك بممارسة دورها الرقابي والتقريري على نشاطات الجهاز البلدي، وتمكينها من تقييم أدائها هو كفيل برفع مستوى الأداء والارتقاء بمستوى جودة الخدمات البلدية، ولن يتأتى هذا إلا بتطوير مستوى التنسيق بين المجالس البلدية والبلديات، وجعل العلاقة تكاملية لا تنافسية مع وضع معايير وأدوات لقياس الأداء للطرفين. إن الشراكة المطلوبة هي الشراكة المجتمعية التي تشرك المواطنين في تحسين الخدمات وتطويرها عن طريق استطلاع آرائهم، وإقامة جلسات الحوار واللقاءات وورش العمل والزيارات الميدانية لبلداتهم وقراهم. [email protected]