أكد نائب رئيس البرلمان العربي أحمد المشرقي أن نظام الأسد غير قابل للإصلاح بعد أن فقد صوابه وسفك دم شعبه وعليه الرحيل، موضحا أنه قد تم إرسال عدة رسائل لبرلمانات الدول التي تساند أنظمتها الأسد من اجل أن تضغط عليها وتذكرها بأن المستقبل للعلاقات مع الشعوب وليس بالرهان على ديكتاتوريات مآلها إلى زوال، داعيا الثورات العربية الى التجمع في بوتقة واحدة لصياغة رؤية مستقبلية لصالح الشعوب، مشيرا إلى أن الثورة ليست قدرا وحتمية ولكن من الممكن أن يتحقق التغيير والديموقراطية وتحصل الشعوب على حريتها بالوسائل والطرق السلمية متى تفهمت الأنظمة لمطالب شعوبها.. وقال في حوار مع «اليوم» ان المشهد السوري تداخلت فيه مصالح عدة، فهناك شعب يطمح الى الحرية مثل باقي الشعوب الأخرى ومنها العربية التي عاشت بعضها تئن من وطأة الديكتاتوريات وتتجرع كأس الذل، لدرجة جعلت البعض يقول إن الذي يشترك فيه المواطن العربي هو ذل الديموقراطية أي تعميم الذل بطريقة ديموقراطية، لكن في لحظة رأينا هذه الشعوب تنتفض من أجل الحرية، وظهر هناك من يريد أن يقاوم هذه الحرية تحت رغبات ومصالح عدة، أي إننا إزاء قوتين متضادتين إحداهما تدفع نحو الحرية والديموقراطية وحق الشعوب، في مواجهة قوة أخرى تراعي مصالحها الاقتصادية والإقليمية والدولية، وهو صراع إرادتين بين شعب يريد أن يتحرر وسلطة تريد أن تمارس الديكتاتورية مدعومة بمجموعة من القوى التى تراعي مصالحها الإقليمية بصورة ضيقة.. ولكن أيا كان الأمر ففي نهاية المطاف الجميع يثق بأن الشعب السوري سينتصر كما انتصر الشعب التونسي والمصري واليمني، لأن إرادة الشعوب من إرادة الله وإرادة الله لن تقهر. خلال الاجتماع الأخير للبرلمان العربي صار اتفاق حول إعداد رسائل واضحة وشديدة اللهجة يتم توجيهها إلى البرلمانات التي تدعم دولها النظام السوري وعلى رأسها الصين وروسيا وإيران، بحيث تصل للبرلمانييين من اجل أن يعوا الحقيقة المتمثلة في أن الشعوب العربية هي الباقية وبالتالي من الأهمية مراعاة مستقبل العلاقات بين هذه الشعوب وبين دولها، وأن يدركوا أن التعاون الفوقي مع السياسي العربي عصره قد ولى الأدبار. وهنا نص الحوار: الساعات الأخيرة ما دلائل لجوء نظام الأسد لاستخدام العنف المفرط ضد شعبه؟ - نعم نظام الأسد أسرف كثيرا في استعمال القوة ضد الشعب السوري الشقيق إلى درجة تجاوزت حد الذبح إلى الإعدامات الميدانية، عندما يلجأ للقصف بالطائرات والتطهير شبه العرقي والقتل الميداني، يعني أنه يلعب بآخر ورقة لديه، وإذا كان من دلائل على ذلك فإنه يبرهن ويؤكد على فشل نظام الأسد ويعطي مؤشرات قوية على أنه يعيش ساعاته الأخيرة وسينهار قريبا، وندعو الله أن يعجل بنهايته لأن فيها وقفا لنزيف دماء السوريين والدفع بالبلد نحو الحرية الحقيقية. ضمير الشعوب ما المساحة التي تستحوذها القضية السورية داخل البرلمان العربي؟ - منذ انتمائي للبرلمان العربي في مايو الماضي عقب نجاح الثورة التونسية وأنا شاهد عيان على تصدر القضية الفلسطينية جدول أعمال البرلمان العربي وهناك توافق جماعي بين الأعضاء على دعم ومساندة الأشقاء السوريين في مأساتهم ضد نظام الأسد الذي فقد صوابه وأمعن القتل في شعبه وتدمير وطنه.. وبما أن السوريين جزء لا يتجزأ من الشعب العربي فهم رقم في المعادلة العربية لا يمكن أن نغفله وبالتالي جاء التجاوب مع أنين الشعب السوري لأننا نمثل كبرلمانيين عرب ضمير الشعوب العربية ونشعر بما يشعر به السوريون من عذاب وألم.. وقد كان البرلمان العربي دائما سباقا في إصدار البيانات للتنديد واستنكار ما يقوم به نظام الأسد ضد شعبه، بل وحذرنا كثيرا من تداعيات الأزمة قبل أن تصل إلى ما وصلت إليه اليوم، ولو كان هناك تجاوب مع النداءات التي أطلقناها ربما استطعنا أن نحقن دماء السوريين ونحميه من بطش نظامه الدموي، والآن لم يعد هناك من خيار بديل لحل المسألة السورية سوى رحيل نظام الأسد، وحصول الشعب السوري على حريته وإجراء انتخابات حرة يختار فيها من يحكمه بالطريقة الديموقراطية الحقيقية. هامش التاريخ باعتباركم سفراء برلماناتكم الوطنية داخل البرلمان العربي.. كيف يمكنكم توظيف دوركم لتكونوا فاعلين في القضية السورية؟ - نحن داخل البرلمان العربي نمثل الأمة بعيدا عن الانتماءات القطرية وبالتالي ترتفع من الخصوصية إلى الكلية، لكننا في نفس الوقت ننقل لبرلماناتنا الرسمية في دولنا ما يحدث في البرلمان العربي باعتباره موقفا عربيا من أجل توفير الدعم اللازم للمواقف والتوجهات التي تذهب نحو التوحد العربي سواء في الشعور، الالم، الحزن، والأمل، والسعي نحو وحدتنا، لأننا على يقين بأن هذه الأمة ما لم تلتقط الممكن التاريخي وتلك الفرصة وتتوحد تحت أي صياغة وتقوم بتنظيم جهودها فلن تنجح، كما أنه ما لم تتجمع الثورات العربية في كتلة واحدة وتضع لها استراتيجية لتوحيد الشعب العربي وآماله والدفع بها نحو تكوين جبهة وكتلة واحدة فإننا سنظل على هامش التاريخ ما لم نخرج منه أصلا. أنظمة مترددة هل هناك تناقض بين مواقفكم ومواقف الأنظمة الرسمية العربية؟. - نعم هناك تناقض واضح، وكما اشرنا فإن البرلماني يمثل ضمير وشعور الشعب وهو ملتصق بهمومه، وأما فيما يتعلق بالمواقف الرسمية فهناك حكومات رسمية عربية لا تزال مترددة في الموقف من سوريا، ومثل هذه المنظمة نعتبرها من بقايا النظام القديم وجزءا منه لم تهب عليه في الذهن روح التغيير، ولكننا نؤكد بأن الشعوب العربية الآن تعيش لحظة تغييرية هامة، وعلينا أن نشير في هذا الصدد الى أن تونس كانت من الدول الأولى التى قامت بوقف التعامل الرسمي مع النظام السوري وحثت الآخرين أن تحذو حذوها، بينما على الجانب الآخر هناك أنظمة رسمية عربية ما زالت مترددة، ونطالبها بالخروج من هذا التردد وتكون داعمة للشعب السوري. ما قراءتكم لتردد هذه الدول في مواقفها؟ - في الحقيقة توقفنا كثيرا لقراءة مواقف هذه الدول المترددة، ووجدنا بأن هناك من الدول من لها مصالح متشابكة مع النظام السوري وأخرى تجمعها الجغرافيا، وبالتالي فليس الذي تحكمه الجغرافيا كالذي يكون بعيدا جغرافيا، لأن مواقفه تكون حساسة ولذا يجب تفهمه، ولكن عندما يصبح الأمر جريمة في حق الإنسانية ففي هذه الحالة يجب أن نكف عن التردد ونتحرك سريعا إلى حل هذه المعضلة، لأنه كما يمكن للجار أن يكون مترددا فإن الجار إذا ضغط سيكون موقفه أقوى من غيره لأنه يؤثر جغرافيا كما يؤثر تاريخيا. رسائل شديدة اللهجة هل اتصلتم بالبرلمان الإيراني أو غيره من برلمانات الدول التي تأخذ مواقف مناصرة لنظام الأسد على حساب الشعب السوري؟ - بالطبع خلال الاجتماع الأخير للبرلمان العربي صار اتفاق حول إعداد رسائل واضحة وشديدة اللهجة يتم توجيهها إلى البرلمانات التي تدعم دولها النظام السوري وعلى رأسها الصين وروسيا وإيران، بحيث تصل للبرلمانيين من اجل أن يعوا الحقيقة المتمثلة في أن الشعوب العربية هي الباقية وبالتالي من الأهمية مراعاة مستقبل العلاقات بين هذه الشعوب وبين دولها، وأن يدركوا أن التعاون الفوقي مع السياسي العربي عصره قد ولى الأدبار، بمعنى أن محاولة إسقاط الشعوب من الحياة السياسية والعلاقات لم يعد ممكنا، وأننا بصفتنا ممثلين للشعوب العربية نبلغهم أن موقف الشعوب العربية رافض للنظام السوري ولمن يدعمه، وإذا كانوا يريدون أن يستدركوا الفرصة فعليهم أن يلتقطوا هذه اللحظة بالاستجابة لمطالب التغيير للنظام السوري. ارحل نعلم أن رئيس البرلمان العربي علي الدقباسي سيشارك في اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية.. فما الهدف؟ - حضور علي الدقباسي ممثلا للبرلمان العربي في اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب سيكون بهدف تبليغ رسالة للقادة العرب من البرلمانيين تحثهم على ضرورة التحرك السريع من أجل وقف نزيف الدم في سوريا، وأن المخرج الوحيد هو رحيل نظام الأسد لأنه لا يصلح حاله وغير قابل أن يصلح أو يصلح، وبما أن هناك شعبا قد ثار من أجل إسقاط نظام فإما أن ننحي الشعب أو النظام، وبما أنه لا يمكن أن ننحي الشعب فليرحل النظام. ليس إبراء ذمة هل حضوركم الوزاري لإبراء الذمة؟ - نحن لا نحضر لمجرد إبراء الذمة.. وعلينا أن نعي أن وقت الأنظمة الرسمية العربية التى كان يحضر فيها البرلماني وقبل الحضور يستشير رئيسه فيما ينبغي عليه قوله قد ولى وانتهى، نحن الآن برلمانيون حقيقيون جئنا بعد انتخابات حرة نزيهة ديموقراطية وثورة شعوب حقيقية، لا نستجيب إلا لضمائرنا وضمائر شعوبنا ومراقبة الله في الأمانة المكلفين بها، ولذلك سننظر ماذا سيكون رد وزراء الخارجية. وعلى ضوء ذلك ستكون خطوتنا القادمة، خاصة ونحن نتكلم بلغة خطاب جديدة ونتجه نحو برلمان عربي دائم بعد 4 أشهر مما سيجعل منه صمام أمان لوحدة العرب وتصوراتهم نحو المستقبل حتى يدخلوا القرن الجديد، والذي بفضل الثورات فتحت له إمكانيات ما كان يمكن أن تفتح من قبل، لذا علينا أن نلتقط اللحظة التاريخية، ولعلنا ندرك بأننا كعرب جاءتنا فرصة الاستقلال ولم نلتقط الفرصة وبالتالي عشنا التخلف. الثورة ليست قدرا تتحدث عن الكل العربي.. هل يعني ذلك أن الثورة قد تشمل باقي الشعوب العربية؟ - ليس بالضرورة كل الدول العربية أن تمر بثورات، بل على الدول التي لم تحدث فيها ثورات أن تستجيب للحرية والديموقراطية، للإنصاف هناك من التقط الخيط وقام بإصلاحات ومثال ذلك دولة المغرب التي حققت ثورة بدون ثوار ولكن من خلال ميثاق وطني، الأمر الذي يربهن على أن الثورة ليست قدرا وحتمية ولكن يمكن الاستجابة للثورة بروح سلمية بدون دم ولا تكاليف.