استضاف النادي الأدبي بالرياض مساء الأحد الماضي، الدكتور عبد الرحمن الحبيب الكاتب بصحيفة الجزيرة في محاضرة بعنوان (الخصوصية السعودية .. حقيقة أم وهم). بدأت المحاضرة بتقديم من مديرها عبد الرحمن السلطان أوضح خلاله أن تطور المجتمع وتحول العالم ليس فقط إلى قرية صغيرة بل إلى تفاعل يومي حقيقي بين مختلف مكونات العنصر البشري ، أعاد طرح اشكالية الخصوصية السعودية . بعد ذلك قدم للمحاضر الذي بدأ حديثه قائلاً انه زاهد في تعريف الخصوصية ، لان التعريف لن يجدي كما أن للخصوصية العديد من الأوجه . وانتقد الحبيب تحول الدفاع عن الخصوصية إلى مبالغة في التميز عن الآخرين والمطالبة بتقديس هذه الخصوصية لأنه سيفضي إلى حالتين : الاولى تعصب يذكي حالات الخلاف مع الآخرين ، وجمود يعرقل التطور الطبيعي والإصلاح الضروري. وتحدث الحبيب حول أوهام الخصوصية المفرطة ، ومنها وهم الماضي مشيرا الى أن تشدد مجتمعاتنا المحلية في المحافظة هو نتيجة لوجود الحرمين الشريفين، ويتم على هذه الحجة مواجهة الإصلاح مما يكرس الانغلاق على الذات، بينما خصوصية وجود الحرمين الشريفين في بلادنا هي خصوصية الانفتاح لا الانغلاق. وبين المحاضر ان فشل مؤسسات المجتمع المدني من العوامل التي ساعدت التيارات التي تغالي في الخصوصية والعودة إلى الوراء، ففي بعض المجتمعات العربية، حين تخطى الزمنُ القبيلةَ كتنظيم اجتماعي غير متناغم مع التحديث، عملت أنظمة عربية عصرية على إقصاء القبيلة بالكامل، واصطنعت بدلاً منها تنظيمات حديثة من ورق، كالجمعيات والاتحادات والنقابات، وفقاً لنظريات بلا تطبيق وأفكار متعالية على الواقع، ولم تهيئ المناخ للتغيير، ولم تكترث برسوخ النمط القديم، ولم تعتن بالنسق الناشئ. واختتم محاضرته بالقول ان المبالغة في الركون إلى الخصوصية، والتشدد فيها، يسوغ لدعاته المحافظة على أنماط متأزمة من الوضع الراهن أو التراجع للخلف للمحافظة على تلك الخصوصية المزعومة.