ساد الهدوء الحذر ميدان التحرير الشهير بقلب العاصمة المصرية القاهرة، صباح أمس، عقب ليلة عصيبة امتدت حتى الساعات الأولى من الصباح، حيث شهد الميدان، عقب صدور الحكم، السبت، على الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي بالسجن المؤبد، وبراءة نجليه في قضية قتل المتظاهرين. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، إصابة قرابة 70 شخصاً، أثناء التجمعات بميدان التحرير وبعض الميادين فى المحافظات الأخرى، وأشارت الوزارة فى بيان أصدرته أنه تم علاج 45 حالة بالعيادات المتنقلة المتواجدة بالميدان، وعلاج 5 آخرين بواسطة سيارات الأسعاف، لافتة إلى انه تم نقل 5 حالات إلى المستشفيات منهم 4 حالات لمستشفى المنيرة وحالة واحدة لمستشفى الهلال. وفور صدور الحكم على الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه وأعوانه أغلق الآلاف النشطاء بينهم عدد من أهالي الشهداء، مداخل ميدان التحرير، تنديدا بالحكم الصادر بحقهم، فيما نظم المئات من النشطاء مسيرة جابت أركان الميدان للمطالبة بإعدام بمبارك والتنديد بالحكم. وحاول المئات التوجه في مسيرة للداخلية لكن أعدادا من المتظاهرين منعتهم وطالبوهم بالبقاء في الميدان. وردد المتظاهرون هتافات منددة بالحكم منها «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم .. إدوا براءة للضباط هو ده شغل إستعباط»، «يلا يا مصري انزل من دارك لازم نعدم حسنى مبارك» و»الشعب يريد إسقاط النظام، «احمد رفعت يا خسيس دم الشهداء مش رخيص» و «احمد رفعت يا جبان بعت دم الشهداء بكام» . وشهد الميدان حلقات نقاشية موسعة بين المتظاهرين الذين أعلنوا اعتصامهم بالميدان أول أمس، وبين بعض المواطنين المارين من الميدان باتجاه أعمالهم، حيث يرى المعتصمون ضرورة العودة إلى الميدان مرة أخرى لوقف إجراء الانتخابات الرئاسية، وتشكيل مجلس رئاسي مدني من عدد من المرشحين الذين خرجوا من سباق الانتخابات ومستقلين، وتطهير القضاء والإعلام، وتشكيل محاكم ثورية لمحاكمة رموز النظام السابق بشكل علني . بينما يرى الطرف الآخر أن محاكمة الرئيس السابق ونجليه ووزير داخليته ومساعديه، تعتبر في حد ذاتها مكسباً من مكاسب الثورة، باعتباره أول رئيس فى تاريخ مصر يحاكم ويدخل السجن أيضا في مشهد مذل يعتبر عظة وعبرة لكل من سيأتى بعده، وضرورة العمل على تهدئة الأوضاع حتى انتهاء جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، مشيرين إلى أن الانتخابات هى بداية الطريق الصحيح لوضع البلاد على طريق الديمقراطية وتحسين الأوضاع المعيشية للشعب المصرى . واعتبر بعض المتظاهرين ان حكم القضاء هو حكم لإسقاط مصر وليس لبنائها، ورأوا انه حكم غير كاف .. مطالبين المحكمة بأن توضح الأسباب الحقيقية لحكمها، مهددين بالتصعيد. وتساءل بعضهم كيف يتم الحكم على الرئيس السابق محمد حسنى مبارك بالسجن المؤبد هو ووزير داخليته حبيب العادلى وتبرئة مساعدى وزير الداخلية من التهم المنسوبة إليهم. وتحرك المتظاهرون فى مسيرة ضمت المئات فى اتجاه ميدان طلعت حرب مطالبين الشعب المصرى بالنزول مرة أخرى إلى الميدان هاتفين «الشعب يريد تطهير النظام». كما دعت حملات المرشحين حمدين صباحي ود. عبد المنعم أبو الفتوح، بالإضافة لأنصار الدكتور محمد البرادعي جموع المصريين للنزول للميادين للمطالبة بالقصاص لدماء الشهداء. وقالت حملة صباحي عبر صفحتها على فيسبوك «إيمانا بالثورة، ووفاء لأرواح الشهداء، تدعو حملة حمدين صباحي أعضاءها وأحرار مصر بجميع المحافظات إلى النزول إلى ميادين مصر للتظاهر والمطالبة بالقصاص لدماء الشهداء» ودعت حملة د. عبد المنعم أبو الفتوح جميع أعضائها إلى المشاركة في الدعوات للنزول إلى ميدان التحرير الساعة 5 ومختلف الميادين في باقي المحافظات، وأكد أعضاء من حملة دعم البرادعي ضرورة النزول، وشدد بعض أنصار المرشح المنسحب من سباق الرئاسة ضرورة الاعتصام بميادين الثورة. وعلى الصعيد الميدانى، مازال الميدان مغلقا أمام حركة سير السيارات، حيث مازالت الحواجز الحديدية موضوعة بجميع مداخله، بينما يعمل رجال المرور بداية من ميدان عبدالمنعم رياض وبداية تقاطع شارع قصر النيل والبستان، ويقومون بتحويل خطوط سير السيارات بعيداً عن الميدان لتفادى الاختناقات المرورية، في الوقت الذي غابت فيه اللجان الشعبية المكلفة بتأمين الميدان عن جميع تلك المداخل حتى الآن . وامضى مبارك امس اول ليلة له في مستشفى سجن مزرعة طرة جنوبالقاهرة في حين كان يقيم في مركز طبي تابع للجيش بشرق العاصمة المصرية. وتجمع عدة مئات من المتظاهرين في هدوء صباح امس في ميدان التحرير بعد ان ناموا فيه اثر تظاهرة شارك فيها اكثر من عشرين الف شخص السبت. وعلقت في الميدان لافتة كبيرة كتب عليها «شهداؤنا يستحلفوننا عدم الرضوح للمؤامرة» التي تستهدف الثورة، واخرى كتب عليها «وحياة دمك يا شهيد، ثورة تاني من جديد».