في بادرة لانفراج أزمة الاستثمارات السعودية المتعثرة في مصر، يعتزم البرلمان المصري تفعيل بعض التشريعات اللازمة لحماية حقوق رجال الأعمال السعوديين واستثماراتهم، عقب لجوء عدد من المستثمرين السعوديين مؤخراً إلى المحاكم الدولية، إثر أحكام قضائية محلية قضت بسحب بعض استثماراتهم أو تقليصها، بحجة الحصول على تراخيص في عهد النظام السابق. وكشفت مصادر أن الاجتماع الأخير الذي عقده رجال أعمال سعوديون مع رئيس مجلس الشعب المصري مؤخرا خرج بتشكيل لجنة خاصة لدراسة ملفات مشاريعهم الاستثمارية المعطلة هناك، ووضع جدول زمني لعملها، في ظل تأكيد رئيس المجلس على الاهتمام بالاستثمارات السعودية في بلاده، والمحافظة على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وبحث تلك الاستثمارات ووضع الحلول المناسبة للطرفين. وخرج الاجتماع أيضاً بالتزام الجانب السعودي بتقديم ملفات متكاملة عن الاستثمارات المعطلة، يتم تسليمها للجنة التي ستباشر النظر فيها، وتدعو جميع المعنيين من المسؤولين في الدولة للتعرُّف وتقريب وجهات النظر. ويشكل هذا التطور، بحسب مسؤولين، انفراجاً مهماً في الأزمة التي لحقت باستثمارات رجال الأعمال السعوديين في مصر، والتي أضرّت بحقوقهم، بالاخص بعد «سحب» عدد من الأنشطة التجارية الخاصة بهم، دون إعادة حقوقهم أو تعويض الخسائر التي لحقت بهم. وكان رئيس مجلس الأعمال السعودي - المصري الدكتور عبدالله دحلان أكد أن الاجتماع ناقش المعوقات التي واجهت أكبر المشاريع السعودية المستثمرة، وأبرزها «قضية عمر أفندي، ومصانع الكتان، والدخيلة التي تعود ملكيتها لعبدالإله كعكي، وهي مشاريع اشتريت من رجال الأعمال السعوديين خلال الخصخصة المصرية قبل الثورة، كما نوقشت قضية شركة طيران النقل الاقتصادي الخاصة العائدة ملكيتها لناصر الطيار، واستعرضت معها معاناة شركة صافولا، والشركة السعودية للاستثمارات العقارية المالكة لفندق جراند حياة، إضافة إلى بعض المشاريع التي تعطل إنتاجها بعد الثورة». وكشف دحلان أن رئيس مجلس الشعب المصري أبدى اهتماماً بالحرص على المحافظة على العلاقات الاقتصادية بين المملكة ومصر، وأنه سيعمل شخصياً من خلال رؤساء اللجان المختصة على بحث ملفات المشاريع الاستثمارية السعودية المعطلة في مصر، مشيراً إلى أنه على ضوء ذلك تم إقرار جدول زمني للجنة يبدأ في 31 مارس الجاري وفي مقر مجلس الشعب. وأضاف ان الاجتماع مع رئيس مجلس الشعب المصري طرح نقاطا رئيسية من أهمها: المحافظة على الاتفاقيات التي أبرمت سابقاً عند دخول رجال الأعمال السعوديين للاستثمار في مصر، الحرص على أمن وسلامة المنشآت الاستثمارية وسلامة أصحابها، العمل مع اتحاد نقابات المصريين على معالجة قضية الاضرابات التي تحدث باستمرار في المنشآت الانتاجية والسياحية التي تؤثر سلبياً على اقتصاديات التشغيل. وكشف رئيس هيئة الاستثمار المصرية، أسامة صالح، أنه نظرا لاهمية الاستثمارات السعودية في مصر وللتيسير وتقديم مزيد من الخدمات، أنشأت الهيئة وحدة متخصصة في مقرها لمتابعة أعمال المستثمر السعودي ومساعدته في التنسيق مع الجهات المعنية بالاستثمار لاصدار كل ما يتعلق بمشروعه من تراخيص وموافقات وإزالة أي معوقات تواجهه وجاء هذا المشروع بالتنسيق مع السفارة المصرية بالمملكة العربية السعودية والقنصلية المصرية بجدة في اطار خطة هيئة الاستثمار والمناطق الحرة لاقامة وحدات متخصصة تتابع اعمال المستثمرين العرب. على صعيد آخر، بحث وفد من رجال الأعمال السعوديين، مع لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى، برئاسة محمد عبدالمجيد الفقي تنمية الاستثمارات السعودية بمصر وتشجيع إقامة مشروعات مشتركة بكافة المجالات. وقال رجل الأعمال السعودي، المهندس محمد الصقيلي، إن المعضلة الاقتصادية بمصر أهم من المعضلة الأمنية، كما أن العنصر البشري أهم من الزراعة والصناعة نفسها، مع رفع قدراته. وأكد رئيس اللجنة للوفد السعودى أن مصر مازالت في مرحلة التأسيس وهى مرحلة عالية التكلفة، وأضاف ان كافة القوانين الاقتصادية تجرى مراجعتها حاليًا خاصة المتعلقة بالبنوك الإسلامية، وقوانين الضرائب. وطالب الوفد السعودى بإنشاء بنوك إسلامية تشارك في الإدارة ولا تعتمد على الاقراض، إضافة إلى تجميع فتات أموال رجال الأعمال وإدخالها في مشروعات. ووجه عبدالفتاح حمزة (رجل أعمال مصري بالسعودية) رسالة للإعلام المصري قائلاً أوقفوا الحرب الدعائية ضد مصر في الخارج، وارفعوا أيديكم عن العاملين المصريين في الخارج فالشعب السعودي يحب مصر جداً. من جهتها، كشفت الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المصرية وفق تقرير خاص حصلت (اليوم) على نسخة منه أن حجم التبادل التجاري بين مصر والمملكة، هو الأعلى بين أي دولتين عربيتين، حيث بلغ 4.3 مليار جنيه العام الماضي 2011، مقارنة ب 2.3 مليار جنيه العام قبل الماضي 2010، وأشارت الى أن حجم الاستثمارات السعودية بمصر بلغ قرابة ملياري جنيه من خلال المساهمة فى 189شركة ومشروعا استثماريا عام2011. وأوضح التقرير، نمو الاستثمارات السعودية منذ العام 1970 في مصر، مشيراً إلى أن إجمالي الاستثمارات منذ 1 يناير 1970 وحتى 29 فبراير 2012 بلغ 41.3 مليار جنيه، كان للاستثمارات الصناعية نصيب الأسد، ب24.7 مليار جنيه.