انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة الأخبار المزيفة والتي باتت مؤثرة في الطريقة التي تعمل بها منصات الإعلام، والطريقة التي يستوعب بها الجمهور المعلومات. يقول تقرير نشرته مجلة «فينانس» الاقتصادية إن تأثيرها امتد أيضا إلى الاقتصاد. ويشير إلى أن جملة «الأخبار المزيفة» فازت بلقب كلمة العام في 2017، بعدما سيطرت على مجالي الإعلام والسياسة في حين فشل المراقبون في رصد تأثيرها على الاقتصاد بشكل واسع. ولا يقتصر هذا التأثير المضلل على ثقة الشركات والمستهلكين في المنتجات والشركات، بل يمكن أن يؤدي أيضا إلى حالة من عدم اليقين وتداعيات سلبية للقرارات السياسية غير الصائبة. ومع تزايد الاعتماد على البرامج الخوارزمية لتداول الأصول تتصاعد خطورة المعلومات المستخلصة من الأخبار والوسائط الاجتماعية. وسعت بالفعل شركات إدارة الأصول إلى الاستفادة من هذه الأنظمة بنشر معلومات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الإنترنت للإضرار بالمنافسين. وتوجد أدلة على أن الأخبار المزيفة ليست ظاهرة جديدة حيث يعود تاريخ تأثيرها على سوق الأسهم إلى القرن التاسع عشر، ففي عام 1803 عندما كانت بريطانيا تتطلع إلى إعلان الحرب على فرنسا، تلقى عمدة لندن رسالة يفترض أن اللورد «هوكسبيري» كتب فيها أن النزاع قد تمت تسويته. وتم نقل هذه الرسالة إلى البورصة مما أدى إلى ارتفاع التداول بنسبة 5٪. ومع ذلك، ظلت صحة الرسالة محل شك وتبين فيما بعد أنها مزورة مما أجبر وزارة الخزانة على إصدار بيان صحفي لتوضيح الأمر. وفي الوقت الذي لوحظت فيه الخدعة تغيرت الأسهم وأصبح من المستحيل تعقب من حقق مكاسب خاصة من الرسالة الاحتيالية. ومع الانتقال بسرعة إلى الأمام بضع مئات من السنين وتحديدًا الصعود المريب لقيمة العملة الرقمية «البيتكوين» فقد شهد يناير الماضي تحطمها مع انخفاض قيمتها 50٪ في شهر واحد نتيجة حملة الانتقادات التي انتشرت في وسائل الإعلام. وبحسب المقال فان العديد من المحتالين استغل الفرصة لنشر معلومات كاذبة عمدًا للتأثير على سعر أصولهم باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومواقع إخبارية مزيفة وتطبيقات الدردشة الخاصة. ونقل تقرير صحيفة «اكونومي تايمز» عن دراسة حديثة أن مواقع التواصل الاجتماعي وراء سرعة نشر الشائعات التي تتفوق على الأخبار الحقيقية 6 مرات، وكأنها اضافت عبوات نفاثة إلى القدرة الخداعية للمعلومات الكاذبة. وقالت دراسة لمعهد ماساتشوستس الأمريكي بشأن سرعة انتشار الأخبار الصحيحة والأخبار الكاذبة، إن نحو 126 ألف شائعة انتشرت في الفترة 2006-2017 تناقلها على تويتر نحو 3.5 مليون شخص حوالي 4.5 مليون مرة. وشهدت الآونة الأخيرة ارتفاعًا في كمية الأخبار المزيفة التي تستهدف السوق المالية مع ظهور مواقع الكترونية عامة تروج لمعلومات خاطئة، ومن الأمثلة على ذلك ظهور موقع يشبه شبكة «سي ان ان» الأخبارية وقد نشر قصة استثمار ريتشارد برانسون وإلين موسك 17 مليون دولار في شركة بيتكوين تيك مما أدى إلى تحقيق أكثر من 425 ألف زيارة للموقع في الفترة بين سبتمبر إلى ديسمبر 2017. وشهد الأسبوع الأول من الشهر الجاري رعاية ادارة بورصة شنجهاي لجلسة استماع عامة أمام لجنة متخصصة في تتبع آثار الأخبار الكاذبة على الانترنت على عملية تسعير الأسهم، شارك فيها أكاديميون ورؤساء شركات تنفيذيون وصحفيون من شركات إعلامية كبرى مثل شركة سنغافورة القابضة للصحافة وشركة ميدياكورب بحسب تقرير لموقع بيزنس تايمز. وقالت اللجنة إن هناك مواقع الكترونية للاستثمار تقوم بنشر مقالات مدفوعة تهدف للتأثير على توجهات المستثمرين بطريقة مغرضة. ووسط هذه الأجواء من السهل نشوب سباق تسلح معلوماتي بين الشركات المتنافسة مع كون مستهلكي وسائل الإعلام والأدوات المستهدفة عرضة للضرر المحتمل، ولا سيما في ظل محدودية الأدوات المتاحة لتقييم مصداقية القصص وتتبع آثارها. ويعمل شركاء في الخدمات المالية على بناء أدوات للتعامل بشكل خاص مع تأثير صعود الأخبار المزيفة على أعمالهم عبر تتبع الأشخاص وأصل المقالات التي يقرأها المستثمرون قبل إجراء أي استثمار كبير.