أشاد الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي، د. يوسف العثيمين، بمبادرة المملكة في دعم البنك المركزي اليمنى بمبلغ ملياري دولار إنفاذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، من أجل تعزيز الاقتصاد ورفع المعاناة عن اليمنيين. وأبدى العثيمين في حوار مع «اليوم» قبيل انطلاق أعمال القمة العربية في السعودية قلق المنظمة البالغ إزاء دوافع التطرف الطائفي المؤدية إلى العنف والإرهاب، وعبر عن تقديره للتأكيدات المتواصلة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بشأن حرص المملكة وتصميمها على مكافحة التطرف ونشر الإسلام الصحيح النقي. وشدد على ادانة واستنكار الدول الأعضاء بالمنظمة، لاستهداف ميليشيات الحوثي المملكة بصواريخ باليستية إيرانية الصنع، ما يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المملكة والمنطقة وإلى إجهاض جميع الجهود المبذولة لإنهاء النزاع في اليمن.. فإلى نص الحوار: * اليوم: كيف تصنف المنظمة التعديات المتكررة والغاشمة من قبل ميليشيات الحوثي ومن يدعمها على اليمن والمملكة، ما دور المنظمة في حماية المقدسات الإسلامية؟ * د. يوسف العثيمين: المبادئ والأهداف الواردة في ميثاق منظمة التعاون الإسلامي متعلقة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، واحترام سيادة واستقلال ووحدة أراضيها، وتؤكد المنظمة على التزامها بتعزيز وحدتها وتضامنها، صوناً للسلم والأمن وتحقيقاً للاستقرار والازدهار داخل الدول الأعضاء في المنظمة وخارجها، وبالإشارة الى التعديات المتكررة من قبل ميليشيات الحوثي الانقلابية التي أطلقت عدة صواريخ باليستية باتجاه قبلة المسلمين، مكةالمكرمة، وعدة مدن في المملكة ومنها العاصمة الرياض. نود أن نشير إلى البيان الصادر عن الدورة 13 للقمة الإسلامية التي عُقدت في إسطنبول، وإلى القرار 46/44 س الصادر عن الدورة 44 لمجلس وزراء الخارجية التي عُقدت في مدينة أبيدجان؛ وكذلك إلى القرارات الصادرة عن الاجتماعين الطارئين لمجلس وزراء الخارجية للدول الأعضاء بشأن إطلاق الميليشيات صاروخاً باليستياً إيراني الصُنع باتجاه المملكة اللذين عقدا على التوالي في نوفمبر 2016 ويناير 2018؛ وإلى البيانات الصادرة عن الدول الأعضاء وغير الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية، والتي أدانت جميعها واستنكرت بشدة هذه الاعتداءات المؤدية إلى زعزعة الأمن والاستقرار في المملكة والمنطقة وإلى إجهاض جميع الجهود المبذولة لإنهاء النزاع في اليمن بالطرق السلمية، وأكدت دعمها ومساندتها للمملكة في مواجهة الإرهاب وضدّ كلّ من يحاول المساس بأمنها، وتضامنها في كل ما تتخذه من خطوات وإجراءات للحفاظ على أمنها واستقرارها. كما طالبت القرارات الوزارية في الوقت ذاته جميع الدول الأعضاء بوقفة جماعية ضد هذا الاعتداء الآثم ومن يقف وراءه ويدعم مرتكبيه بالسلاح باعتبار أن المساس بأمن المملكة إنما هو مساس بأمن وتماسك العالم الإسلامي بأسره. * القضية الفلسطينية والتي كانت سبباً في إنشاء المنظمة إثر جريمة إحراق المسجد الأقصى، ما هي المساعي التي اتبعتها المنظمة في دعم تلك القضية وفتح المجال امام المسلمين لزيارة المسجد المبارك؟ * على رأس قضايا الأمة قضية فلسطينوالقدس الشريف حيث تستمر الانتهاكات الإسرائيلية غير المسبوقة لتهويد القدس، وتتصاعد سياسة الاستيطان وشرعنتها، كل ذلك يحمل المنظمة مسؤولية كبيرة بقصد حشد إرادة دولية جادة لتحريك عملية السلام وإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وفقا للقانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية ورؤية حل الدولتين، وبذلك تحتل القضية الفلسطينية والتطورات فيها صدارة الاهتمامات وجدول أعمال المنظمة ومشاوراتها التي تجريها مع القادة والمسؤولين وتنشط المنظمة في كافة المحافل الدولية لا سيما في المنظمات الدولية من أجل التصدي للانتهاكات الاسرائيلية وإدانتها، ومساندة مشاريع القرارات الأممية لتأكيد حقوق الشعب الفلسطيني والدفاع عنها، والعمل على إبقاء القضية الفلسطينية ضمن مسؤولية واهتمام المجتمع الدولي، وتعزيز انخراطه في الجهود الرامية لتحقيق سلام عادل وشامل. كما تواصل المنظمة جهودها لتوسيع دائرة الاعتراف بدولة فلسطين، ودعم انضمامها للمنظمات والاتفاقيات الدولية وفي سبيل تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وخاصة في مدينة القدس، تولي المنظمة أهمية خاصة لتعزيز التواصل المادي والمعنوي مع مدينة القدس وأهلها المرابطين، وتسليط الضوء على ممارسات الاحتلال القمعية بحق الفلسطينيين ومقدساتهم ومحاولات طمس معالم القدس وطابعها الإسلامي، إضافة إلى أنها ترسخ المكانة والقيمة الدينية والتاريخية والحضارية التي يحظى بها المسجد الأقصى المبارك في قلوبهم، ما يعزز المسؤولية الفردية والجماعية للمسلمين تجاه ضرورة تثبيت وممارسة الشعائر الدينية المشروعة في القدس، والحفاظ على المصالح والأماكن المقدسة الإسلامية فيها. * ما دور المنظمة في التنسيق مع غرفة العمليات المشتركة للتحالف العسكري الإسلامي والذي يضم 41 دولة بقيادة المملكة.. ويتخذ من الرياض مقرا؟ كان للمنظمة شرف المشاركة في أعمال الاجتماع الأول لمجلس وزراء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، الذي استضافته المملكة في الرياض في نوفمبر 2017، وذلك تحت شعار «متحالفون ضد الإرهاب»، وافتتحه ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس الاجتماع، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتؤكد المنظمة دعمها وبقوة كل الإجراءات التي يتخذها في سبيل التصدي لهذه الآفة والقضاء على كل مسبباتها، ونعبر عن ثقتنا في نجاحه في مهامه ومبادراته المستقبلية، خاصة أنه بقيادة المملكة التي تحظى بثقة العالم الإسلامي وما لها من مكانة على الساحة الدولية، واسمح لي أن أنتهز الفرصة لأعبر عن تقديري للتصريحات المتواصلة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان بشأن حرص المملكة وتصميمها على مكافحة التطرف، ونشر الإسلام الصحيح النقي. * العراق وسوريا واليمن ما زالت تتألم حتى الآن، كيف تقيمون دور المنظمة تجاه تلك القضايا؟ * منذ 2003 كانت المنظمة من أوائل من ناشد جميع القيادات السياسية والدينية في العراق لتضافر جهودها في سبيل وقف العنف المتصاعد والعمل على بناء مصالحة وطنية حقيقية بين أبناء الشعب العراقي لضمان وحدته، وبذلت المنظمة جهودا واسعة في تقديم مبادرة لعقد اجتماع في مكةالمكرمة تحت رعاية مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع للمنظمة ويضم علماء دين من جميع المكونات المجتمعية لإصدار وثيقة مشتركة تعالج مسألة الفتنة الطائفية في العراق، وبعد اتصالات حثيثة وجهود كبيرة لأكثر من ستة اشهر تم عقد الاجتماع في 28 رمضان عام 2006، وصدر عنه توقيع وثيقة سميت وثيقة مكة، تضمنت نقاطا مهمة لوقف الاقتتال الطائفي وعدم تكفير الآخر وحرمة الدم العراقي. واستمرت المنظمة في دعم العراق ومساعدته على تخطي أزماته، حيث افتتحت المنظمة مكتبا لها في بغداد في 2008 وهو أول مكتب للمنظمة في دولة عضو من أعضائها، وذلك في سبيل دعمه وفتح قنوات للتواصل بين المنظمة وجميع الأطراف العراقية. ودانت المنظمة كل الأعمال الإرهابية التي حدثت في العراق وما تبعها من احتلال تنظيم داعش الإرهابي لمساحات واسعة من العراق في يونيو 2014، والحمد لله أعلن العراق مؤخراً تحرير كافة أراضيه من هذا التنظيم الإرهابي، وبدأ يواجه الصفحة الثانية من التحدي المتمثلة في إعادة إعمار المدن، ويستمر التنسيق والتعاون لعقد مؤتمر ثان للمصالحة الوطنية (مكة2)، حيث انطلقت أولى خطوات هذا المؤتمر بعقد اجتماع للنخب العراقية للتحضير لهذا المؤتمر في بغداد شهر ديسمبر 2017 وصدر عنه بيان تضمن توصيات مهمة من أجل تفعيل المصالحة الوطنية، على أمل عقد مؤتمر لها في بغداد بعد إجراء الانتخابات. أما فيما يخصّ الأزمة السورية، فالمنظمة تتابع باهتمام بالغ الأحداث فيها، وكان موقفها منذ بداية الأزمة الدعوة إلى الاستماع إلى مطالب الشعب السوري وعدم استخدام القوة، ونؤكد مجدداً على موقفنا الداعم لصون سيادة سورية وحرمة أراضيها، وعلى ضرورة تسوية النزاع من خلال حل سياسي يستند إلى قرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن، وبيان جنيف. أما المسالة اليمنية فتؤكد المنظمة على التزامها القوى بالوقوف مع وحدة اليمن وسيادته واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه، وتضامنها مع الشعب اليمنى والالتزام بدعم الحكومة الشرعية اتساقا مع قرارات القمة الإسلامية وقرارات مجلس وزراء الخارجية، والقرارات الأممية ذات الصلة، خاصة القرار رقم 2216، والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل. وفي مارس الماضي التقيت بالمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث وأكدت خلال اللقاء على دعم المنظمة لجهوده من أجل الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية وفقاً للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية والحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتم الاتفاق على أهمية التنسيق والتشاور والمشاركة العملية بين الأمانة العامة للمنظمة ومكتب المبعوث الأممي من أجل إنجاح مهمته، وفي هذا الصدد لابد من أن أثمن عالياً مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، في إطلاق مبادرة انشاء مركز موحّد لتنسيق المساعدات الإنسانية؛ بالإضافة إلى الإعانات والمساعدات القيّمة والسخية التي ما فتئت تقدمها المملكة للشعب اليمني من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والتي كان آخرها التبرع بمبلغ نصف مليار دولار، سلّمت للأمم المتحدة، لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي أعلنتها الأممالمتحدة لدعم اليمن لعام 2018، وذلك خلال مؤتمر «المانحين المخصص لتمويل الاستجابة الإنسانية لليمن 2018» الذي نظمته الأممالمتحدة بالتعاون مع سويسرا والسويد في 3 أبريل 2018 كما أشيد بمبادرة السعودية في دعم البنك المركزي اليمنى بمبلغ ملياري دولار وذلك بعد توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، يحفظه الله، في هذا الصدد والتي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد ورفع المعاناة عن الشعب اليمني. د. يوسف بن أحمد العثيمين حاصل على الدكتوراة في علم الاجتماع السياسي من الجامعة الأمريكية في واشنطن (1986)، والماجستير في ذات التخصص من جامعة أوهايو (1982)، وبكالوريوس دراسات اجتماعية، من جامعة الملك سعود بالرياض (1977). مدير عام الديوان وكبير المستشارين بالأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، وشغل منصب وزير للشؤون الاجتماعية، وأمين عام مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان التنموي، مدير عام جمعية الأمير سلمان الخيرية لرعاية الأيتام. وكيل وزارة مساعد لشؤون الرعاية الاجتماعية وتأهيل المعاقين ومستشار بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالمملكة. العثيمين: سياسة المنظمة واضحة تجاه الإرهاب قال الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي د. يوسف العثيمين: «إن المنظمة تعد ثاني أكبر كيان حكومي دولي في العالم وتعد تجمعا ل57 دولة واكثر من 1.5 مليار مسلم في العالم»، وأضاف: «سياستها واضحة جداً بشأن الإرهاب الذي لا دين له أو عرق أو إثنية ولا يعالج بالوسائل الأمنية والعسكرية وحدها». ولفت إلى أن نجاح الحرب ضد الإرهاب لن يكتمل إلا بتعاون الجميع وتجاوز الخلافات فيما بيننا خاصة وأن التوازن والاعتدال في السياسة والفهم الحقيقي للإسلام هما السبيلان الوحيدان لمحاصرة الأفكار التي تتبناها الجماعات الإرهابية مثل تنظيمات داعش والقاعدة وبوكو حرام وغيرها، مشيرا الى أن استراتيجية التحالف الاسلامي العسكري وآليات الحوكمة المنظِّمة لعملياته رسمت الخطوط العريضة لمحاربة الإرهاب والتطرف بجميع الطرق. الدكتور العثيمين خلال حواره مع الزميل الحجيري (تصوير - غرم عسيري)