في موعد من الوزن الثقيل، يحلّ اليومَ السابع من مارس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، ضيفًا على العاصمة البريطانية، في أول زيارة رسمية بالغة الأهمية لسموه إلى المملكة المتحدة منذ مبايعته وليا للعهد في يونيو 2017م، حيث استعدتْ العاصمة البريطانية لاستقبال سموه الكريم عبر جملة من المؤشرات التي تؤكد اهتمام الحكومة البريطانية بهذه الزيارة، نسبةً لنوعية الضيف أولا، وحجم تأثيره في صناعة القرار إقليميا ودوليا، سياسيا واقتصاديا، ثم نسبة للعلاقات التاريخية الوثيقة، والإستراتيجية بين المملكة وبريطانيا. بدأتْ العلاقات بين البلدين منذ دخول الملك عبدالعزيز الرياض عام 1919م، حيث بدأت الاتصالات غير الرسمية بين جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- أثناء زيارته للكويت مع السير وليام شكسبير الممثل السياسي للحكومة البريطانية هناك، قبل أن تتكرر اللقاءات فيما بعد، حيث لم يستطع السير إخفاء إعجابه بشخصية الملك المؤسس، وصولا فيما بعد إلى إقامة العلاقات بين البلدين بعد توحيد المملكة. وقد بُنيتْ العلاقات بين الدولتين بعمقها التاريخي على الاحترام المتبادل، والندية، والاستقلالية. وظلّتْ العلاقات تواصل نموها على مرّ التاريخ، حيث اتسعتْ رقعة الشراكة بين البلدين في مختلف المجالات، بعدما وجدتْ الحكومة البريطانية في القيادات السعودية المتعاقبة خير شريك يمكن أن يُعتمد عليه في صيانة أمن المنطقة التي تشكل أهم محاور الاقتصاد الدولي. لهذا.. تأتي زيارة سمو ولي العهد في مرحلة شديدة الحساسية والأهمية، سواءً فيما يتصل بتوقيتها في خضم ما تشهده المنطقة من أحداث في سوريا أو العراق وفلسطين واليمن، وما تحدثه السياسات الإيرانية من شروخ مأساوية في استقرار وسيادة كافة دول المنطقة، أو ما يتصل بالملفات التي سيفتحها سموه مع الساسة البريطانيين. وقد عبرت السيدة تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية التي ستستقبل سمو ولي العهد عن تطلعاتها لنتائج هذه الزيارة التاريخية، ووصفتها بأنها منصة جديدة لتعزيز العلاقات الثنائية، وبناء المزيد من الشراكات الاقتصادية والأمنية. وأضافتْ السيدة ماي، إن الشراكة بين الدولتين من شأنها أن تجعل البلدين أكثر أمانا من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية، وأكثر ازدهارا عبر توفير فرص العمل، كما أشادتْ بالتغيير الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده المملكة في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد -حفظهما الله-، والمتمثل في عمليات الإصلاح الاقتصادي، والقرارات التي تتصل بتمكين المرأة، وتطوير قطاعات الصحة، والسياحة، والترفيه، وكانت بريطانيا قد أكدت دعمها للرؤية السعودية على لسان وزير الخزانة فيليب هاموند. أما وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون فقد رحّب بدوره في تغريدة على حسابه في «تويتر» بسمو ولي العهد وشدد على دعم برنامجه الإصلاحي. وقال مكتب رئيسة الوزراء: إن هذه الزيارة ستعزز التعاون لمواجهة التحديات الدولية كالإرهاب والتطرف والصراعات في دول المنطقة، كما ستسهم في دعم برنامج التعاون الدفاعي بين القوات السعودية والبريطانية. وشهد التبادل التجاري بين البلدين تقدما ملحوظا فاق ال 2.3 مليار جنيه إسترليني، وتعتبر المملكة ثالث أكبر الأسواق نموا للصادرات البريطانية، كما تعتبر بريطانيا ثاني أكبر مستثمر أجنبي في المملكة. وما بين إعجاب السير شكسبير بالملك عبدالعزيز، وإشارات الإعجاب التي صدرتْ من مكتب دولة رئيسة الوزراء البريطانية بالخطوات التطويرية التي يقودها الأمير الشاب في بلاده، بوسعنا أن نقول: إننا على موعد من خلال هذه الزيارة التاريخية مع إضافة نوعية للعلاقات بين البلدين في كافة المجالات، والتي سينعكس أثرها على الجميع، في الاقتصاد والتنمية وكافة الملفات الإقليمية والدولية. وختاماً.. من حق الجميع أن يعلّق الكثير من الآمال على هذه الزيارة، فالعاصمة واحدة من عواصم القرار الدولي، والضيف يزن بطموحاته وجرأته ورؤيته ما يضاهي أحلام الأمة ويفيض.