مرَّتْ السياسة الخارجية للمملكة طوال تاريخها بمرحلتَين اثنتَين: الأولى سياسة النفَس الطويل، وكتم الغيظ، والتعامل مع الأحداث باللغة الدبلوماسية عبر طاولات المفاوضات، والثانية: وهي التي بدأتْ مع وصول القائد الحازم، الذي لا يعرف أنصاف الحلول، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز «يحفظه الله» إلى سدة الحكم، حيث تزامن ذلك مع احتلال إيران أربع عواصم عربية، وتهديدها الأمن القومي العربي، واستمرارها في العمل على زعزعة أمن المنطقة، وبناء التحالفات المذهبية، وتحويلها إلى ألغام قابلة للتفجير في أي لحظة. هذا الأمر دفع المملكة لاعتماد سياسة المواجهة، وتسمية الأشياء بأسمائها، والتصدي للمناورات الإقليمية حفاظًا على أمنها والأمن القومي العربي. وفي الحالتَين لم تسلَم المملكة من نقد أدعياء العروبة، والمتشدّقين باسمها، والذين تبيَّن أن مشكلتهم ليست مع سياسات المملكة وآلياتها التي تستخدمها في معالجة القضايا، وإنما مع المملكة نفسها. كانت الفقرتان السابقتان من (كلمة اليوم) التي تُنشر في هذا العدد، والتي كتبها الزميل الأستاذ فهد السلمان، معبِّرتَين بالفعل عن أمر خادم الحرمين الشريفين، ودور المملكة الدائم والثابت في دعم القضايا الإقليمية المصيرية، كما عبَّر عنها دومًا سمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز «يحفظه الله». وديعة المليارَي ريال التي ضخَّتها المملكة في البنك المركزي اليمني، تأكيد على أن المملكة تريد يمنًا مزدهرًا، فطالما عاملت الدولة السعودية الأشقاء اليمنيين كمواطنين، عرفنا الجالية اليمنية الشقيقة كإخوة لنا، منذ أن وَعِينا على عتبات التنمية الكبيرة، والمعركة التنموية الضخمة التي قامت بها الدولة نتيجة عائدات النفط المبكرة. لقد جاءت تلك الوديعة الجديدة لإنقاذ الاقتصاد اليمني، ووقف تدهور قيمة الريال اليمني الذي وصلت نسبة الانخفاض في قيمته إلى 50 بالمائة، منذ سيطرة الحوثي التابع للأدلجة والأسلحة الفارسية بالاعتداء على حدودنا، والمقدّرات للأمة اليمنية بتنوّع أطيافها وثقافاتها. وفي اليوم الأول من إعلان هذه الوديعة، ارتفعت قيمة الريال اليمني أمام العملات الصعبة، حيث تراجع الدولار من 440 ريالًا يمنيًّا إلى 400 ريال تقريبًا، والريال السعودي من 115 ريالًا إلى 105 ريالات يمنية، فيما ستكون انعكاساتها لدعم مجالات التعليم، والصحة، والطرقات، والكهرباء والمياه، وغيرها ابتداءً من هذا الشهر، كما ستسهم حسب مصادر صندوق النقد الدولي، يوم أمس، في تشجيع الصندوق لدفع 550 مليون دولار، التي التزم بها لدعم استقرار الريال اليمني. إنها المملكة الدائمة بالخير، المُشعَّة بحب شعوب الجوار، ومنها اليمن الذي تُصرُّ المملكة على أن يكون سعيدًا.