رغبة من المنظم السعودي في تمكين الرقابة المالية الفعالة من قبل الدولة على الشركات التي تساهم فيها حماية لها من سوء التصرفات ومن الأفعال الاحتيالية التي قد تقع من إداراتها، قام بإصدار النظام الذي يشرح آليات ذلك، مع إسناده للجهة ذات الاختصاص. حيث أعطى تلك الرقابة لديوان المراقبة العامة، وقام بإصدار لائحة ديوان المراقبة على المؤسسات والشركات التي تساهم الدولة فيها. فقد خول المنظم السعودي ديوان المراقبة العامة في الرقابة على الشركات التي تساهم فيها الدولة من خلال نص المادة (9) من نظام ديوان المراقبة وهو: «تخضع لرقابة الديوان وفقا لأحكام هذا النظام:... 4- كل مؤسسة خاصة أو شركة تساهم الدولة في رأس مالها أو تضمن لها حدا أدنى من الأرباح، على أن تتم الرقابة عليها وفق تنظيم خاص يعده الديوان ويصدر به قرار من مجلس الوزراء يحدد فيه مدى هذه الرقابة بحيث تتناسب مع طبيعة عملها ومدى علاقتها المالية بالدولة، وبحيث لا يعرقل نشاطها». وتطبيقا لهذه المادة صدرت لائحة رقابة الديوان على المؤسسات والشركات التي تساهم الدولة في رأسمالها، أو تضمن لها حدا أدنى من الأرباح، بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 390 بتاريخ 18/4/1398. ووفقا لذلك فالشركات الخاضعة لرقابة ديوان المراقبة العامة في النظام السعودي، هي الشركات التي تساهم فيها الحكومة أو الهيئات والمؤسسات العامة بما لا يقل عن 25٪ من رأسمالها. والهدف من رقابة ديوان المراقبة العامة هو التحقق من كون الشركات الخاضعة للرقابة تقوم بتطبيق الأنظمة واللوائح المالية والمحاسبية التي تخضع لها وفقا لأنظمتها الخاصة تطبيقا كاملا، وأنه ليس في تصرفاتها المالية ما يتعارض مع تلك الأنظمة واللوائح. ولتحقيق هذه الأهداف فإن ديوان المراقبة يحق له أن يقوم بفحص الحسابات الختامية والميزانية العمومية والتأكد من إدراج المعلومات الضرورية الواجب إبرازها فيها، ومن أنها تعبر تعبيرا صحيحا عن صافي الأرباح أو الخسائر أو فائض الإيرادات عن المصروفات أو عجزها في كل سنة مالية، وعن المركز المالي الحقيقي للمؤسسة أو الشركة. وكذلك فحص تقارير مراقبي الحسابات عن الحسابات الختامية والميزانية العمومية وبحث تحفظاتهم عليها والتأكد من مبرراتها -إن وجدت- ومتابعة ما يجب أن يُتخذ حيالها. بالإضافة إلى فحص كفاءة الإدارة والتحقق من حسن استعمال الأموال واستغلالها للأغراض المطلوبة منها، والتثبت من أن المؤسسة أو الشركة تقوم بتطبيق نظمٍ حديثةٍ وكافيةٍ للرقابة المالية الداخلية بما في ذلك الرقابة على المستودعات. وفي المقابل فإن على الشركات أن تلتزم تجاه الديوان بتقديم كافة الإيضاحات والبيانات والمستندات التي يرى أنها ضرورية ولازمة للقيام باختصاصاته على الوجه الأكمل، من خلال تزويده بحسابها الختامي المنصوص عليه في نظامها وتقرير مجلس الإدارة أو المدير العام عن نشاطها ومركزها المالي عن السنة المالية المنقضية وذلك قبل الموعد المحدد لانعقاد الجمعية العامة بخمسة وعشرين يوما على الأقل، وكذلك من خلال قيام مراجعها الخارجي المراقب لحساباتها بتزويد الديوان ببرنامج الفحص والمراجعة الذي يقوم بتطبيقه، وما قد يطرأ عليه من تعديل في حينه وبصورة من تقريره عن الحسابات الختامية وما قد يكون قد كشفه من مخالفاتٍ أو أخطاءٍ وذلك قبل الموعد المحدد لانعقاد الجمعية العامة بخمسة عشر يوما على الأقل. وفيما يتعلق بالمؤسسات الخاصة والشركات التي تساهم فيها الحكومة أو الهيئات والمؤسسات العامة بأقل من (25٪) من رأسمالها، تكون الرقابة على حساباتها وفق ما يرد في أنظمتها الأساسية من أحكام وما ينص عليه نظام الشركات وأية أنظمة أخرى يتم صدورها بهذا الخصوص، ويتوجب على تلك الجهات موافاة الديوان بنسخة كاملة من حسابها الختامي المنصوص عليه في نظامها وتقرير مجلس الادارة أو المدير العام عن نشاطها ومركزها المالي عن السنة المالية المنقضية وذلك قبل موعد انعقاد الجمعية العامة العادية للمساهمين بثلاثين يوما على الأقل حتى يتمكن الديوان من تزويد ممثلي الدولة في اجتماعات هذه الجمعيات بملاحظاته على تلك الحسابات والتقارير. وقد عهد المنظم السعودي لرئيس الديوان بأن يوجِه الجهات المختصة بإجراء التحقيق اللازم وتوقيع العقوبات المناسبة على كل من تبين أنه أخفى بسوء نية معلومات بقصد عدم تمكين الديوان من أداء مهامه المنصوص عليها في اللائحة أو ارتكب مخالفة مالية للقواعد المنصوص عليها في أنظمة ولوائح المؤسسات الخاصة بالشركات الخاضعة لرقابته، والتي من شأنها إحداث تغيير في مركزها المالي. بقي أن نشير في الختام إلى قِدم لائحة رقابة الديوان بما يزيد على الأربعين سنة والتي كان خلالها تطور في أنظمة المراجعة المحاسبية والرقابة المالية، سواء من خلال الهيئات الرقابية على عمل المراجعين الخارجيين لحسابات الشركات أو هيئات سوق المال أو قوانين الشركات التي استحدثت لجان المراجعة في الشركات ونحو ذلك، لذا ودون الخوض في مقترحات مطولة لمعالجة ذلك وتصويبه لتكون مخرجاتُه عملية ومفيدة للدولة على وجه الخصوص، فإني اكتفي باقتراحٍ أظنُ أنه سيحمل قدرا كبيرا من المعالجة الفعالة للدور الرقابي من ديوان المراقبة وهو أن ينص المنظم السعودي على تضمين عضوية لجان المراجعة في الشركات الخاضعة لرقابة ديوان المراقبة أحد موظفي الديوان المؤهلين في العلوم المالية والمحاسبية، ويتم تحفيز هذا الموظف بمميزات مادية ليبذل أقصى ما لديه من الجهد والمثابرة، وهذا المقترح لو تم الأخذ به فإنه سيكون له أثر كبير في ضبط الأمور المحاسبية والمالية لتلك الشركات لو قام هذا الموظف بعمله بكل أمانة وإخلاص.