ما أصعب الفراق لمن كان له في القلب محبة وفي المكانة أعلاها، فقيدنا الغالي العالم والقاضي وجامع الفضائل شيخنا محمد بن زيد آل سليمان تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وجمعنا الله معه وأحبابنا في الفردوس الأعلى من الجنة. هو قريب من نفسي حتى أن الدموع أبت إلا أن تبدي مشاعرها في هذا المصاب الجلل، كان في المنطقة الشرقية محل ثقة ولاة أمرنا -حفظهم الله وأدام عزهم- جمع بين القضاء وبين الحكمة في معالجة كثير من أمور المجتمع وأحب شيء إلى نفسه رضا المتخاصمين وصفاء القلوب، كنا قبل عدة سنوات نجتمع مع بعض مشايخنا وأول ما يبدأ الجلسة لا بد أن يأمر على أحدنا بقراءة آيات من كتاب الله والتعليق على ما تمت قراءته. وعندما يأتي دوري أنظر إليه ولسان حالي يقول، يا عم الطف بي فأنا ضعيف أمام هؤلاء الجهابذة، وعندما أخطئ كان رده (أعد القراءة) وهنا تهدأ النفس وأرجو الله أن لا أخطئ مرة ثانية، كنا في مناقشة موضوع معين أجد رجاحة العقل وحسن الرد وتواضع العالم العارف كيف يعلم تلاميذه، دائما يردد ويدعو لولاة أمرنا بأن يوفقهم الله لما فيه خير الدين والبلاد وأن يرزقهم البطانة الصالحة. لن أعدد المسؤوليات التي كان يقوم بها فهي كثيرة وكانت آراؤه صائبة ويبحث عن التيسير على الناس قدر المستطاع، رزقه الله بأبناء نهلوا من هذا المعين الثمين وما أسعدهم أن يكون والدهم الشيخ الجليل محمد بن زيد آل سليمان. يعلم الله أننا لفقدك يا غالي لمحزونون، ولكن قضاء الله وقدره وما نقول إلا كما قال الصابرون: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.