بعزم قادة الوطن ونظرتهم المستقبلية وحرصهم على تطوير الكفاءات الهندسية الوطنية، تحوّل الحلم إلى واقع من خلال نشأة جامعة سعودية عريقة تأسست منذ أكثر من 55 عاماً، وتخرج فيها رجال شاركوا وما زالوا يشاركون في دفع عجلة التنمية وفي نهضة الصناعات البترولية والبتروكيماوية. وقد أدركت حكومة المملكة الرشيدة ما للكفاءات الفنية الوطنية من أثر فعّال في استغلال خيرات البلد وتطوير الصناعة فيه، وبما أن بلدنا غني بثرواته الطبيعية من النفط، قامت بتأسيس كلية البترول والمعادن، لتكون نواة لجامعة بترول حديثة تنافس أعرق الجامعات العالمية. مرسوم ملكي مرسوم ملكي تم تأسيس كلية البترول والمعادن بموجب مرسوم ملكي كريم أصدره الملك سعود رحمه الله برقم (11) وتاريخ 5 جمادى الأولى 1383ه الموافق 23 سبتمبر 1963م، والذي نص على الآتي: بعون الله تعالى.. نحن سعود بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية بعد الاطلاع على المادة التاسعة عشرة من نظام مجلس الوزراء، وبناء على قرار مجلس الوزراء رقم 397 وتاريخ 5 /5 /1383ه، وعلى ما عرضه رئيس مجلس الوزراء.. نرسم بما هو آت: أولا – تنشأ بمقتضى هذا المرسوم كلية البترول والمعادن ونصادق على نظامها المرفق. ثانيا – ينشر هذا النظام في الجريدة الرسمية ويعمل به من تاريخه. ثالثا – على رئيس الوزراء ووزير البترول والثروة المعدنية تنفيذ مرسومنا هذا. التوقيع/ سعود اختصاص الكلية حددت إحدى فقرات المرسوم الملكي الكريم، اختصاص هذه الكلية بكل ما يتصل بالدراسات المختلفة المتعلقة بالبترول والمعادن، وبتشجيع البحوث العلمية في هذه الميادين، والعمل على نشر الثقافة البترولية والمعدنية في المملكة، وتزويدها بالمتخصصين في مختلف فروع صناعة البترول والمعادن. مؤسسة مستقلة بهدف التخلص من قيود البيروقراطية، انطلقت كلية البترول والمعادن ك «مؤسسة غير خاضعة للأنظمة الحكومية إلا فيما نص عليه نظام تأسيسها، وقد أريد بهذا إبعاد الكلية عن تعقيدات الروتين، بقصد إعطائها حرية في التصرف تمكنها من مجاراة التطور، وسرعة البت في كل ما يواجهها من أمور». وكان مجلس إدارة الكلية في بدايتها يتألف من أحد عشر عضوًا، ثمانية منهم من كبار رجالات الدولة مع ثلاثة أجانب من جامعات ومعاهد عالمية. مجموعة من أوائل طلبة كلية البترول والمعادن يتجهون إلى محاضراتهم عام 1967م الدفعة الأولى بدأت الدراسة في الكلية في 27 جمادى الأولى 1384ه الموافق 3 أكتوبر 1964م بعد أن أُجريت اختبارات القبول على حوالي 200 متقدم للالتحاق بها، فتم قبول 67 طالبًا منهم عدد من الطلبة الجزائريين الذين انضموا بموجب منحة خاصة من الحكومة السعودية، دعمًا للأشقاء الجزائريين الذين نالت بلادهم الاستقلال في عام 1962م. وكان الطالب السعودي محمد عبدالكريم الصوفي أول طالب يتم قبوله في الكلية. وقد اشترطت الكلية للالتحاق بها أن يكون الطالب سعودي الجنسية، حائزًا على شهادة إتمام الدراسة الثانوية (القسم العلمي) أو ما يعادلها، وألا يقل معدل المجموع الكلي لدرجاته عن 70 في المائة، وأن يكون في صحة جيدة، وأن يجتاز امتحان القبول. الافتتاح الرسمي في حفل بهيج، قام الملك فيصل - رحمه الله - بافتتاح الكلية رسميًا في 8 شوال 1384ه الموافق 9 فبراير 1965م، وتجوّل في مبنى الكلية ومعمل اللغة الإنجليزية، وبعدها قام بجولة عابرة على مرافق الحي السكني. عبر جلالة الملك فيصل - رحمه الله - في كلمته عن الأماني الكريمة للشعب السعودي التي تحققت بإنشاء هذه الكلية حيث قال: «أيها الأخوة.. كان هذا المعهد حلمًا من أحلامنا قبل عدة سنوات حيث كنا ننظر إلى ما حولنا فنجد أنفسنا صامتين مبهوتين، ليس في إمكاننا أن نجاري غيرنا وان نقارع الأمم الأخرى في سبيل النهضة والحياة، ولكن الله سبحانه وتعالى يسر السبيل ومهد الصعاب التي تعترض الطريق، فوجد هذا المعهد في فترة لا تتجاوز السنتين، وفي اعتقادي أن هذه مدة قياسية إذا نظرنا إلى ما كنا عليه قبل سنتين وما نحن عليه الآن». الحرم الجامعي تفضل الملك فيصل - رحمه الله - بافتتاح الحرم الجامعي الجديد لكلية البترول والمعادن صباح يوم الاثنين 18 ذي القعدة 1394ه الموافق 2 ديسمبر 1974م. وجدير بالذكر هذا النمو الكبير الذي حصل في عدد الطلبة وهيئة التدريس في الكلية حيث قفز العدد من 67 طالبًا و14 أستاذًا في عام 1965م إلى نحو 1500 طالب و259 أستاذًا في عام 1974م. الملك خالد - رحمه الله - خلال حفل وضع حجر الأساس لتوسعة جامعة البترول والمعادن (المرحلة الرابعة) عام 1977م تطور المراحل وضع حجر الأساس للمرحلة الرابعة الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - في تاريخ 15 ذي القعدة 1397ه الموافق 27 أكتوبر 1977م، والتي شملت مباني تعليمية وبحثية وخدمية تواكب نمو الجامعة. وافتتح الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - في 23 ربيع الأول 1407ه الموافق 24 من ديسمبر 1986م المرحلة الخامسة من توسعة الجامعة، واحتفت الجامعة بتعديل اسمها إلى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. التخرج الأول في عام 1971م، تخرج أربعة طلاب بعد حصولهم على شهادة البكالوريوس في الهندسة. علمًا أن طلبة الدفعات الأولى درسوا ثلاث سنوات في الكلية، ثم أكملوا دراستهم في الجامعات الأمريكية، وكان إجراء مؤقتا إلى حين اكتمال مرافق الكلية. زيارة الملك فهد - رحمه الله - 23-3-1407ه وخلالها تغير اسم كلية البترول والمعادن لجامعة الملك فهد للبترول تغيير الاسم في عام 1395ه/ 1975م، أصبحت كلية البترول والمعادن جامعة البترول والمعادن، وهو تغيير في الاسم والصفة الأكاديمية وأصبح وزير التعليم العالي رئيسًا لمجلس الجامعة بدلًا من وزير البترول والثروة المعدنية، وفي عام 1407ه/ 1986م، تمت إعادة تسمية الجامعة ليصبح اسمها: جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وكان تصميم مباني كلية البترول والمعادن، قد أخذ في الاعتبار الموقع والتضاريس والطقس، مع المحافظة على النمط العمراني العربي، لذا تميز بالأروقة الطويلة والأقواس والقباب الجميلة وبرج المياه الشامخ كرمز لمنارة العلم، وكذلك المناطق الخضراء ونوافير المياه. سكن الطلاب قبل إنشاء العمائر السكنية للطلبة، كان السكن الجامعي يتكون من بيوت (لاينات) يحتوي كل منها على عشرين غرفة، وفي كل غرفة يسكن اثنان من الطلبة، ويسمى الطالب الذي يشاركك الغرفة روميت roomate. يوجد في البيت الواحد دورة مياه موحدة، فيها عدد من غرف الاستحمام بلا أبواب (ستائر فقط)، ويوجد غرفة تليفزيون (تجمع) عامة Common Room يجتمع فيها الطلاب للترفيه، كما توجد منطقة خضراء مفتوحة أمام كل بيت تصلح للعب كرة القدم عصرا، وكان الطلاب يعيشون كأنهم في عائلة واحدة تسودهم أجواء التعاون والألفة. أما في بداية تأسيس الجامعة عام 1964م، فكان الحي السكني يضم 24 وحدة سكنية تم توزيعها على الطلبة والمدرسين. وسائل الترفيه كان هناك سينما تعرض فيلمين أسبوعيا، وقد قدم أحد الطلبة الاقتراح التالي في مجلة ساندوتش عام 1976م: «تصل إلى شركة أرامكو أفلام سينمائية ممتازة، وحسرة أن تصل مثل هذه الأفلام إلى الظهران ونحرم من مشاهدتها واقتراحي إلى لجنة السينما بالجامعة بأنه إذا كانت إيجارات مثل هذه الأفلام عالية فإني أقترح رفع سعر التذكرة إلى 3 ريالات، ولنشاهد أفلامًا عليها القيمة». واشتملت وسائل الترفيه في مراحل توسعة الجامعة على صالة تدريب (جيمنازيوم) وحوض سباحة وملعب كرة قدم، كما تكونت فرق الجوالة وأندية الطلاب. السنة التحضيرية أنشئت السنة التحضيرية لتأهيل خريجي الثانوية العامة لبدء دراستهم الجامعية، ولتقوية مهاراتهم الشخصية مثل القدرة على تنظيم الوقت، والقدرة على العمل الجاد والطويل، يركز فيها على تدريس اللغة الإنجليزية، وعلى مراجعة الدروس العلمية التي تلقاها الطالب في المدارس الثانوية كالرياضيات والكيمياء. السنة التحضيرية ليست سهلة بل كانت بمثابة العقبة التي متى ما اجتازها الطالب فهو مهيأ بنسبة كبيرة للاستمرار في مسيرته الدراسية، ساعات الدراسة التي تتجاوز 13 ساعة يوميا موزعة بين محاضرات وواجبات أخرى هي في حد ذاتها اختبار للقدرات، وبالكاد يتبقى في اليوم ساعات قليلة كان بعض الطلبة يروحون عن أنفسهم بالذهاب إلى مدينة الخبر لتناول طعام العشاء في أحد مطاعمها المعروفة مثل مطعم هارون الرشيد ومطعم خيبر. من الأمور الطريفة في الجامعة، تسمية طلاب السنة التحضيرية (الأوريا) المأخوذة من الكلمة الإنجليزية orientation، وهذه الكلمة تقال أحيانًا على سبيل المزاح لأنهم مستجدون ويجهلون بعض الأمور، وربما يقولها بعضهم على سبيل التهكّم. تميّز وتألق تميّزت الجامعة باستقطاب هيئة التدريس من ذوي الكفاءات التعليمية والبحثية العالية، وباستخدام اللغة الإنجليزية في التدريس، وتميّز طلابها بالانضباط والجدية واحترام الوقت. بوابة جامعة البترول والمعادن 1976م