توفيت أم السفير السعودي السابق في بيروت علي عسيري وهو بعمر 5 سنوات بسبب لدغة ثعبان عندما كانت ذاهبة لإحضار غداء طفلها علي من مزرعة بيتهم في قريته، وتوفيت والدة الدكتور غازي القصيبي بعد ولادته ب 9 أشهر وبعدها عاش ما بين شدة والده وعطف جدته، وأيضا المهندس علي النعيمي انفصل أبواه وهو في بطن أمه وقد عاش في الصحراء عند أخواله ولم ير أباه إلا بعد أن بلغ الثامنة من عمره، هذه بعض الأمثلة على شخصيات بارزة بدأت حياتها في ظروف صعبة وقاسية ولكن يبدو أن هذه التجارب لم تزدهم إلا خبرة وقوة للوصول إلى أعلى القمم. كل هذه الظروف القاسية ورغم من ذلك أخرجت عظماء خدموا مجتمعهم وأوطانهم. فالقسوة تولد الحكمة وما أن يضاف إليها التعليم في وقت مبكر حتى نرى من الصغار كبارا. قد يبدو لنا أن هذه الظروف الصعبة لها تأثير سلبي، ولكن ما نراه من هؤلاء العظماء وغيرهم ممن عاشوا في مثل هذه الظروف أنها قد تكون سببا في نجاحهم، حيث جعلتهم أنضج من أقرانهم في عمر مبكر وحيث لا تكاد تخلو قصة نجاح إلا وقد سبقتها أحداث مثيرة للاهتمام. ونجد غالبا في مثل هؤلاء العظماء أمرا مشتركا بينهم وهو حرصهم على التعليم منذ الصغر وكأن حرصهم على الذهاب إلى المدرسة هو بسبب أنهم يريدون الهروب من الحياة الكئيبة الشاقة فكان التعليم بداية لرسم حياة مليئة بالإنجازات لا ينقصها إلا وجود من فقدوهم ليروا كيف يفاخرون بهم. هذه الظروف القاسية قد تساعد بطريقة غير مباشرة في تكوين شخصية قوية قادرة على صنع نجاح على مستوى عال جدا ومواجهة بعض المواقف التي لا تترك لك خيارا إلا أن تكون قويا. أحياناً، تقع لنا أحداث غير طيبة ولكنها في الحقيقة تفتح المجال أمام الأحداث الطيبة. في النهاية، نحن لا نستطيع تغيير ما يحدث لنا ولكن نستطيع أن نحافظ على ردة فعل متوازنة متعقلة وأيضا متفائلة وإيجابية؛ لأن ما قد يحدث هو تجهيز لنا كي نتغلب على ما هو أصعب في المستقبل. ختاماً.. الظروف الصعبة طعمها مر في بداية سنواتها ولكن لعل الله أراد بها صناعة عظماء يفيدون أنفسهم وأوطانهم.